تشير الدلائل إلى أن الجماعات الارهابية سلكت طريقاً جديداً بعد أن وجدت الخناق الأمني حول رقبتها يزداد يوماً بعد يوم..حيث استخدمت بدائل اعتقدت أنها ستنجح بها في اليمن بلد الأمن والأمان والاستقرار ورفض التطرف والغلو.. وهي بدائل لا ننكر أنها أصابت المجتمع «بالدهشة».. «صغار لا يتجاوزون العقد الثاني من العمر ينفذون أعمالاً إرهابية». من نافل القول: إن العملية الارهابية التي وقعت منتصف الشهر الجاري في شبام بوادي حضرموت واستهدفت مجموعة من السياح الكوريين الجنوبيين ذهب ضحيتها أربعة سياح كوريين ويمني، وكذلك العملية الإرهابية الانتحارية في طريق مطار صنعاء بعد يومين من عملية شبام وكانت تستهدف الفريق الأمني الكوري الذي قدم للتحقيق في عملية شبام نقول: إن هاتين العمليتين الارهابيتين نفذت من خلال مجموعة من صغار السن، تمكنت المجموعة الارهابية من التسلل إليهم وتجنيدهم كبدائل عنهم مما أصاب المجتمع اليمني المسالم بالدهشة وبرزت لديه العديد من الأسئلة المشروعة التي نؤكد أن الاجابة عليها ليست فقط مسؤولية الحكومة وأجهزتها الأمنية والتعليمية والثقافية والاقتصادية بل مسؤولية كل أفراد المجتمع، وفي المقدمة الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين وأئمة المساجد والقائمون على المعاهد الدينية التي بدأت بالانتشار في ظل تراخي الجهات الحكومية عن مراقبة ومتابعة هذه المعاهد.. إن واقع الحال يؤكد أن علينا الاعتراف بوجود أخطاء وسلبيات ساهمت في بروز هذا الوجه القبيح للجماعات الارهابية التي تجنّد الشباب المراهق لتنفيذ الأعمال الهادفة زعزعة الأمن والاستقرار وضرب الاقتصاد الوطني، كونها تؤثر سلباً على السياحة وجذب الاستثمارات التي تحتاجها التنمية للارتقاء بالمستوى المعيشي للشعب والحد من البطالة والتخفيف من الفقر وهو أمر لايمكن تحقيقه بوجود الإرهاب.. نعم نقول: إن هناك أخطاء وسلبيات من جانبنا ساعدت على عودة الإرهاب من جديد إلى اليمن، رغم النجاحات التي حققتها الأجهزة الأمنية وقوات مكافحة الإرهاب في ضرب هذه الجماعات الارهابية وشل حركتها وتطويق الحزام الأمني حول نشاطاتها، رغم التهديدات والمزاعم باستطاعة هذه الجماعات العمل لضرب المصالح الأجنبية في بلادنا.. ومن أبرز أخطائنا إهمال جانب التعليم بالنسبة للشباب خاصة أولئك الذين تدفعهم ظروفهم المعيشية الصعبة وانعدام الرعاية الأسرية اللازمة لهم وفقدانهم أي شكل من أشكال الثقافة، تدفعهم هذه العوامل إلى أن يكونوا فريسة سهلة للجماعات الإرهابية التي لا دين ولا ملة لها سوى قتل الأبرياء وغرس روح وثقافة الكراهية ضد الآخرين لدى أولئك النفر الذين يختارون طريق الشيطان. وهذا ما حصل بالنسبة للشاب المراهق الذي فجر نفسه في طريق مطار صنعاء الدولي.. شاب أغواه الشيطان المتمثل في عناصر إرهابية لترك أسرته والالتحاق بهذه العناصر وتلقي التعليمات والتوجيهات المخالفة لشرع الله وديننا الحنيف، وكانت النتيجة أنه وتحت تأثير الشيطان الرجيم فجر نفسه بحزام ناسف متوهماً - حسب ماغرسوا في ذهنه - أنه يحارب أعداء الله.. ولايعلم قول الله تعالى في محكم آياته.. «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً».. إذن المشكلة وأسبابها وحلها كله في أيدينا من خلال تحصين الشباب من التطرف وثقافة التكفير وذلك بوضع استراتيجية وطنية تهدف إلى الحد من البطالة والفقر بين الشباب،إلى جانب - وهذا ما أكده فخامة رئيس الجمهورية - حفظه الله ورعاه - في أكثر من لقاء مع الشباب والجهات الحكومية المعنية بهم - «ضرورة إعادة النظر في المناهج التعليمية الأساسية والثانوية والجامعية وعلى أن تشبّع بالمواد التي تنمي روح الانتماء للوطن في نفوس وعقول الشباب» وكذلك ضرورة أن تمتد عملية مكافحة الارهاب من الأجهزة الأمنية إلى مسؤولية المجتمع كله وتأخذ العملية مسارات تربوية دينية وأمنية. إن ناقوس الخطر قد رن والمجتمع عليه واجب المواجهة.