على مدى الأسابيع القليلة الماضية تابعت - باهتمام - كتابات العديد من الزملاء في أكثر من صحيفة حكومية ومعارضة ومستقلة وكذلك في بعض المواقع الإلكترونية حول «زواج الصغيرات ومسألة الخلاف الجاري بين «العمائم» و«اتحاد نساء اليمن» بشأن تحديد السن الآمنة لزواج الفتيات»، وقد اتسمت الكثير من كتابات الزملاء بالغموض في توصيل المراد توصيله للقارئ، فيما أخذ بعض الزملاء الموضوع وكأنه يندرج في إطار المكايدات السياسية بين الأحزاب، ولا أنكر أن عدداً قليلاً من الكتابات اتسمت بالجدية والوضوح وإبراز البراهين سواء من خلال ما جاء في القرآن الكريم الذي لا جدال ولا خلاف على براهينه الإلهية المنزلة من العلي القدير أو ما جاء في سيرة نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم. من ناقل القول ومن قراءتي السابقة لهذا الموضوع الذي أعيد إثارته بعد أن أقرّه البرلمان في مطلع فبراير الماضي تحديد سن زواج الفتيات ب «71عاماً» وهو تحديد تضمن مشروع تعديل إحدى مواد قانون الأحوال الشخصية.. أقول: إن قراءتي لموضوع الزميل منصور عبدالواحد زاهر المنشور في هذه الصحيفة الجمهورية عدد الأربعاء الموافق الأول من إبريل الجاري والموسوم ب «الزواج من الصغيرات.. امتهان لكرامة المرأة وإنسانيتها» كان من المواضيع المقنعة في الحجة والكافية في فهم الأغراض الخبيثة والمزيفة التي تحملها مضامين «العمائم» في ضرورة «سن الزواج المسموح للرجل والأنثى إلى 51عاماً». ولعل إشارة الزميل، زاهر إلى جزئية هامة من الموضوع قد شدتني إلى القراءة والإعجاب بما جاء في الموضوع برمته، حيث أوضح الزميل منصور عبدالواحد زاهر بأن «المطالبين ويقصد رجال العمائم بإعادة التداول في مجلس النواب حول هذه القضية لا يمتلكون من الحجج سوى أن الإسلام لم يحدد سناً للزواج وأن الرسول «صلى الله عليه وسلم» دخل «بعائشة» رضوان الله عليها وهي في سن التاسعة.. واجتماعياً فإن الزواج المبكر، حسب رأيهم، يقلل من الوقوع في الرذيلة والانحراف، ومع أننا قد فندنا في موضوع سابق مزاعم ما ذهب إليه هؤلاء من دخول «صلى الله عليه وسلم» فإننا نتساءل: لوكان زواجه صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها في التاسعة سُنَّة حسنة لكان صحابة رسول الله قد تزوجوا جميعهم بالصغيرات اقتداء بهذه السُّنة إلا أن ذلك لم يذكره أي مصدر تاريخي ولم نعلم أن أحداً من الصحابة تزوج بصغيرة». الحقيقة، إن ما يهمنا اليوم ونحن في صدد الحديث عن «زواج الصغيرات» أن نؤكد أن «الله سبحانه وتعالى قد وضع الأطفال أمانة في أعناقنا حتى يكبروا ويدركوا ما لهم وما عليهم في هذه الحياة الفانية» كما أن المسألة لا تخضع لاجتهادات ومزاعم «العمائم» الذين لو عادوا إلى القرآن الكريم وسنة نبينا العظيم عليه أفضل الصلاة والسلام لما أفتوا بفتاوى - أقسم بالله إنها - تسيىء إلى ديننا الإسلامي الحنيف وتبعد الناس لا سمح الله عن التمسك بدينهم الذي تتفاخر وتتعلم منه الأمم والشعوب كافة. فزواج الصغيرات - في اعتقادي - لا يتطلب فقط تحديداً قانونياً وإقرار البرلمان واعتراف رجال الدين والشريعة به، بل إن المسألة تتطلب الكثير من الضروريات وأبرزها معرفة الأسرة أياً كانت بمفهوم ومضامين أسس بناء الأسرة.. وفي عصرنا الراهن يتطلب تدخل العلم الذي بدونه تنمو وتتوسع وتكبر المشاكل في المجتمعات.. خاصة مجتمعنا اليمني الذي ما زال - مع الأسف - يقع في دائرة القبيلة والأعراف والتقاليد القديمة رغم آلاف المدارس وعشرات الكليات والجامعات التي أنشئت في عهد الوحدة المباركة، إلا أن تزايد عزوف الفتيات - وبرغبة من أسرهن - عن التعليم جعل مشكلة الزواج المبكر تتفشى خاصة في المناطق الريفية.. وهو أمر يدعونا إلى المطالبة بإلزامية التعليم والتوسع في مدارس تعليم محو الأمية حتى تتعلم الأسر معنى وأهمية تعليم ابنائهم وخاصة الإناث منهم.. ولعل قضية الطفلتين «نجود وريم» خير دليل على فساد الزواج المبكر وأضراره الجسدية والنفسية وتأثيره على المجتمع. لا أضيف جديداً لما سبق لزملائي العقلاء قوله غير أنني أدعو البرلمان إلى إقرار ما أقره بشأن تحديد سن الزواج بشكل نهائي وعدم الاستماع إلى «العمائم» الذين لن يقبلوا بتزويج بناتهم وهن صغيرات..