إلى صديقي الشاعر محمد المساح صاحب «لحظة يا زمن» .. ليس بي رغبة للكلام.. كل ما حولي يدعو للحزن والإحباط والكآبة!. .. لم أعد أشعر بالأمان.. ثمة ما يدعوني للبكاء ويرشدني إلى الانزواء، ويحثني على الركض نحو وجهات تائهة. .. يقال إن المرارة تولّد الإبداع، والكآبة تخلق التجليات. .. إذا صحّت هذه التسمية.. فكيف يكون للخاطرة طعمها، وللمفردة مذاقها وقد كحلها مداد السكينة وغيّمت عليها سماوات التفاؤل، وبللت وجهها قطرات المحبة؟!. .. أقلّب الجريدة، فأقرأ طوابير من التوابيت قادمة!. .. وأرتشف قهوتي فإذا بالعصافير تغادر شرفتي فأنهض.. نصف قامتي غارق في السواد، والعيون تائهة تبحث في السماء لا تجدها صافية. .. أعتذر للشعر إذا فاضت الأحرف فانداح مدادها على سجادة من رماد. .. أو غادرت كلماتي سماواتها إلى قعر من الحزن المقيم في الخاصرة. .. أعتذر لمفردة غارقة في الظلام تلملم جراحاتها لكنها ذابلة. .. كيف لها أن تتكئ على ألوان آيلة للسقوط، وآمال يحطمها وقع أقدام آتية؟!. .. أعتذر لمداد يقلب أوجاعه في بحثه عن مساحات من الود والاخضرار، ومساءات يأتي الصحاب إليها.. يفيقون في كل لحظة على فاجعة!. .. كيف للغيم أن يسافر بعيداً، والمطارات موشحة بالسواد والنساء يولون بحثاً عن لغة ضائعة أو قبلة جفّت نشوتها واضمحلت صامتة. .. إنها الأسئلة.. تستفيق إذا سادنا الصمت وغادرتنا العبارات، أو استبد بنا الخوف من لحظة هاربة. .. وحده هناك يمجّد الرب، ويتلو صلواته، ويبحث عن إيقاعه في رحلة متعبة. .. ووحده أيضاً يسافر تحت ظلال الوجوه؛ يفتش عن واحد؛ ولكنه يغرق فوق الجثث وقد تلت للتو تراتيل عشقها الأبدي. .. وحده يبحث عن وجوه الصحاب؛ لكنه يجد وجهه مسمراً على لوحة لم يكتمل خطها السرمدي.