من ذا الذي يمكن أن يخامره أدنى شك في أن الأخ مدير الأمن العام ينتقي أفضل أفراده من الضباط وصف ضباط والجنود لكي يقوموا بالمحافظة على النظام والانضباط وسلامة المرور كلما طرأ شيء يستحق توفير الأمن والانضباط لكافة المواطنين الذين يتوافدون بصورة استثنائية لحضور حفل أو مهرجان أو حضور وليمة دُعُوا إليها لتناول وجبة الغداء على سبيل المثال.. كما حدث في الأسبوع الماضي، حيث توافد العدد الكبير من الناس إلى فندق سوفتيل استجابة للدعوة الكريمة من أصحاب الوليمة الذين أحسنوا وفادة ضيوفهم واستقبالهم الاستقبال الذي يليق بالكريم الذي يعرف كيف يستقبل ضيوفه ويؤمن لهم المكان الواسع والطعام الوافر الذي استحقوا عليه أن تلهج الألسن بالثناء وتلهج القلوب بالدعاء وتفيض المشاعر بالرضا والنفوس بالغبطة والبطون بالامتنان.. هذه مسألة محسوبة لأصحاب الوليمة ومحسوبة لصالح الخدمات في الفندق فماذا قدم الأمن وما هو محسوب له أو عليه؟ في الواقع لم تكن مهمة الأمن سهلة أو هينة، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن أفراد الأمن هم أفراد منَّا وإلينا، لهم بطون تجوع مثلما للآخرين، ويشعرون بوخز الجوع مثلما يشعر به الآخرون، وقد كنت أقرب الناس تفهماً لهذه الحقيقة عندما رأيت ذلك الضابط عند منعطف المستشفى الدولي في الطريق إلى سوفتيل يلتهم سندويتشاً بشهية واضحة. لذلك لم أستطع إقناع الأخ الضابط أن يسمح للسيارة التي تقلني أن توصلني إلى ساحة الفندق لاعتبارات ظننتها وجيهة، فهو يرى أمامه شيخاً يعاني من صعوبة التنفس فهو أحق بالعناية والاهتمام بظروفه الصحية من أولئك الشباب والمسئولين الذين يسمح لهم بالمرور لمجرد أنهم يستقلون سيارات فارهة من ذلك النوع الذي يكاد سنا برقها يأخذ بالأبصار.. أنا أعلم أن السيارة التي تقلني لا تبدو عليها الوجاهة ولا الأبهة ولا الرشاقة التي تجعل الأخ الضابط ينسى يده الممسكة بالسندويتش فيمدها في اتجاه رفع «الخشبة» بدلاً عن ثنيها في اتجاه فمه. وعلى أية حال، فقد كان من محاسن إرضاء البطن أن يرضى الأخ الضابط بعد أن شبع وحمد الله فقبل مشكوراً أن توصلني سيارتي إلى أرض الفندق مقابل شرطين فقط: أن يعود السائق بالسيارة وأن يرافقني «عسكرى» لضمان عودة السيارة والسائق دون أن يهتم كيف سأعود بدون سيارة.. فإذا قدُرّ لي أن دُعيت إلى وليمة أو مناسبة أخرى فإنني سأجد صعوبة كبيرة في إقناع نفسي تلبية الدعوة.. فماذا يصنع واحد مثلي على رأس جمعية لا تهتم بالمظهر قدر عنايتها بالجوهر وتصر أن يكون خيرها كله للمستفيدين والمحتاجين وليس للقائمين على شئونها سوى بذل الجهد والتفاني في تحقيق أهدافها ونجاح برنامجها.. كان لوجود الأخ زيد النهاري أثر كبير في إنجاح مهمة رجال الأمن والمرور، فهو لذلك يستحق الشكر والتقدير ليس نيابة عن رجال الأمن والمرور، فهم يستحقون الشكر والتقدير لذاتهم على جهودهم الكبيرة وجل من لا يخطىء. وجدت الأخ الحاج علي محمد سعيد أنعم يستقبل ضيوفه بمرح وبشاشة وهو لمّا يزل يعاني من أثر العمليات الجراحية.. لم يمنعه ذلك من أن يكون بين أبنائه وأحفاده في استقبال ضيوفهم الذين توافدوا من البلاد القريبة والبعيدة. التقيت أيضاً الأخ الحاج أحمد هائل سعيد.. كان يبدو متألقاً أكثر صحة وأكثر نضارة. إن كليهما يستحقان الحب والتقدير، فقد تخرجا من مدرسة واحدة هي مدرسة هائل سعيد أنعم للوطنية والعطاء والرفق بالمساكين والمحتاجين، فمن سمع بغير مدرسة هائل سعيد فليكتب عنها ما يعرف.. تكريماً وتشجيعاً وحفاوة بأهل الخير حيثما كانوا.. حتى تتلاشى من أمامنا الصورة المظلمة لأولئك الأغنياء والأثرياء الذين أداروا ظهورهم للخير وللوطن وليس همهم سوى مصالحهم ومنافعهم الذاتية، لأنهم في الغالب جمعوا ثرواتهم بطرق مشبوهة وغير مشروعة، أساسها سرقة الأموال العامة أو سرقة أموال الناس بالباطل، فجعلوا من «مبارزهم» ساحات للنفاق يمضغون القات ويتناولون الناس بالغيبة والنميمة.. ينافقون أغنياء «الطفرة» و «مشائخ» الغفلة ويتملقون الظلمة والطغاة وعناوين الفساد، في أرض وصف أهلها نبينا صلى الله عليه وسلم بأنهم أهل إيمان وأهل حكمة،. تهنئتنا للعروس والعريس ونقول لهما فليبارك الله لكما عرسكما ومستقبل أيامكما لتواصلا مسيرة العطاء كما بدأها الأولون من أسلافكم. ونبارك للأخ محفوظ علي محمد سعيد وشوقي أحمد هائل سعيد هذه المناسبة السعيدة بإذن الله، يشاركني في تقديمها أسرة التحرير وكل العائلة الكبيرة لكتاب وقراء صحيفة الجمهورية العزيزة من أولئك الذين يعظّمون كل عمل ينشد أصحابه نهضة الوطن وقضاء حوائج الناس.