في الوقت الذي نطالب فيه الأجهزة الأمنية والمختصة بتفعيل واجباتها بما يؤدي إلى إعلاء شأن النظام والقانون والحفاظ على حياة الناس ومصالحهم ومكافحة الجريمة بكل مسمياتها وأشكالها وأنواعها.. وبما يسهم في بسط سيادة القانون وسيادة الدولة تفاجئنا مجموعة من المتشددين وعصابات العنف والتخريب الأسبوع الماضي في أمانة العاصمة باقتراف فعل إجرامي لا يمكن السكوت عنه أو التهاون في محاسبة مقترفيه بعيداً عن التبريرات والأسباب والمسببات التي قادتهم إلى ارتكاب ذلك الفعل المشين بحق الدين والدولة والشعب بأكمله !! مجموعة من المتشددين نصبوا أنفسهم أوصياء على الدولة ومؤسساتها الأمنية والقضائية وعلى الشعب وذهبوا لتطبيق «شرع الله» بحق أحد المواطنين بعد أن اتهموه بتمزيق كتاب الله والدوس عليه !! هؤلاء وإن صدقوا بهذا القول الذي لا نرضاه لكتاب الله الكريم تناسوا أن هناك أجهزة ومؤسسات مخولة دون غيرها بمحاسبة مقترف هذا الفعل وتطبيق الشرع بحقه إن تم إثبات فعلته.. فعل إجرامي وتخريبي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ما أقدمت عليه تلك المجموعة المتشددة التي قادها رجال دين وعقال حارات، وانتهاك صارخ لدور مؤسسات الدولة المعنية ولهيبتها، والحادثة التي انتهت بهدم منزلين وإحراق كل محتوياتهما مع سيارتين تعكس صورة مخيفة كلياً لما آل إليه الوضع المجتمعي العام، وفي الوقت نفسه تدق ناقوس الخطر على الدولة وأجهزتها المختصة وعلى الشعب بأكمله. لسنا مع إهانة كتاب الله ولا جدال في ذلك، ولسنا ضد اتخاذ الإجراءات بحق كل مسيء ومخرب وفاسد بعيداً عن روح القانون والدستور، وبعيداً عن دور مؤسسات الدولة وأجهزتها المختصة.. للدولة حرمتها وما أقدمت عليه تلك العناصر يعد انتهاكاً صارخاً لحرمة الدولة ولقوانينها المنظمة لشؤون الحياة.. ما أقدمت عليه تلك العناصر التي أكدت بهذا الفعل الإجرامي أنها لا تعترف بقانون ولا دولة ولا بالقائمين على شؤونها لا يقل جرماً عما يقدم عليه قطاع الطرق وعناصر الاختطافات ودعاة الفتنة والكراهية والتخريب.. حادثة الأربعاء في أمانة العاصمة والتي وقعت تفاصيلها في مكان قريب جداً من وزارة الداخلية والأمن أثارت العديد من التساؤلات الباحثة عن دور الوزارة والسلطة المحلية والأجهزة المختصة في أمانة العاصمة: كيف سُمح لهؤلاء المخربين تهديم منزلين وإحراق محتوياتهما إضافة إلى سيارتين؟ وأين كانت الأجهزة المختصة والقائمين عليها عندما أقدمت تلك العناصر على اقتراف هذا الفعل التخريبي؟!.. ألا يفتح هذا الغياب المخيف للأجهزة المختصة أثناء الحادثة ثغرات يتسرب من خلالها أدعياء حماية الدين والفضيلة ودعاة الوصاية على الشعب لارتكاب أعمال إجرامية وتخريبية أخرى بحق المواطنين دون سابق إنذار وبعيداً عن سلطة الدولة وأجهزتها المختصة ؟! وإذا صدق وأن أقدم هذا الشخص على إهانة القرآن الكريم ما دخل بقية أفراد أسرته وممتلكاتها ليتم تهديمها وإحراقها وتشريدهم إلى الشارع؟! وماذا عن الدور التخريبي الذي قام به عقال الحارات وإسهامهم في تحريض الناس على المشاركة في ارتكاب هذا الفعل الإجرامي؟! وما الدور الذي ينبغي على أجهزة الدولة اتخاذه لمحاسبة مقترفي هذه الجريمة والمشاركين فيها وتعويض الأسرة المتضررة عن الأضرار التي ألحقته بها أيادي التخريب والوصاية؟! فرض النظام وبسط سيادة القانون جزء لا يتجزأ من هيبة الدولة، والتراخي الملاحظ الذي حصل من قبل الأجهزة المختصة أدى إلى نتائج سيئة وتسبب بحدوث جريمة بشعة واعتداء أبشع على أسرة بكاملها وعلى ممتلكاتها.. ولولا التراخي الحاصل من قبل الأجهزة الأمنية المختصة والسلطة المحلية ما كنا سنرى ونشاهد أو نسمع عن حدوث وارتكاب هذه الجريمة البشعة التي أهانت الدولة وسلطتها وأثارت الكثير من علامات التعجب والاستفهام؟!!