واصلت اسرائيل، الاثنين 5-1-2009، هجومها البري والبحري والجوي ضد غزة، ما أدى إلى تقسيم القطاع إلى شطرين، وسط جهود دبلوماسية حثيثة، تقودها فرنسا، للتوصل إلى هدنة. وهزت انفجارات غزة خلال الليل بعد ان دخل الجنود الاسرائيليون منطقة شمالية، وطلبوا من السكان مغادرة منازلهم لتفادي اصابتهم في القتال. وسعت بعض العائلات الى اللجوء الى مدارس قريبة تديرها الاممالمتحدة. وقالت اذاعة اسرائيل ان معارك بالبنادق اندلعت بين الاسرائيليين ومقاتلي حماس في شوارع مدينة غزة في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، فيما أكد شهود عيان فلسطينيون أن التوغل الاسرائيلي، شطر غزة الى قسمين، من السياج الحدودي الى شاطئ البحر المتوسط. وتمركزت القوات والمدرعات في مواقع خارج البلدات الكبرى، لمحاصرة مدينة غزة نفسها، متحاشين دخول المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة. وأسفرت العملية البرية، حتى الآن، عن مقتل 50 فلسطينيا على الأقل بينهم سيدة وأطفالها الأربعة، وإصابة 150 آخرين، إلا أنها حصيلة غير كاملة، إذ يعتقد بوجود بعض الجثث في مناطق القتال لا يمكن انتشالها. وبدت مدينة غزة مدينة أشباح، حيث أغلقت المتاجر ومكث معظم الناس داخل منازلهم. وصرح متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن جندياً قتل، وأصيب 31 آخرون في القتال البري بينهم جندي حالته حرجة للغاية واثنان حالتهما خطيرة أما إصابات الآخرين فقد كانت طفيفة. ونفي المتحدث ما ذكره مسلحون فلسطينيون بأنهم قتلوا 9 جنود إسرائيليين واصفا تلك "المزاعم" بأنها "كاذبة تماما". وقال مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع المستوى إن التقارير التي أشارت إلى أن جنديا إسرائيليا تعرض للأسر ليست صحيحة. عودة للأعلى تعتيم اعلامي ولا تتوفر معلومات دقيقة عن خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بدء الهجوم البري، في ظل التعتيم الإعلامي المفروض، والذي وصل لحدّ استباق الهجوم البري بإجبار آلاف العسكريين في المشاة والمدرعات على تسليم هواتفهم النقالة، لاسدال ستار من الكتمان على بداية الهجوم. وكان الجيش الاسرائيلي عمد قبل بدء الهجوم الى حشد عشرات من الوحدات في مواقع مختلفة على الحدود بين الدولة العبرية وقطاع غزة، لتخدع بذلك دفاعات حركة حماس التي تسيطر على القطاع. وقال المسؤول الإسرائيلي، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إن معظم المقاومة التي واجهها الإسرائيليون حتى الآن جاءت من قذائف الهاون، مع أن متحدثين آخرين باسم الجيش الإسرائيلي قالوا إن مواجهات وقعت في مساحات محدودة. وواصلت القوات الجوية الإسرائيلية غاراتها على غزة، لدعم القوات البرية، فاستهدفت أكثر من 45 هدفا، من بينها أنفاق ومنشآت لتحزين الأسلحة وفرق إطلاق قذائف الهاون. وأسفرت إحدى الغارات عن مقتل اثنين من كبار نشطاء حماس وهما حسام حمدان، الذي يُعرّف بأنه المسؤول عن إطلاق صواريخ غراد طويلة المدى صوب المدن الإسرائيلية الجنوبية مثل بئر السبع وأوفاكيم، والمسؤول عن "القوات الخاصة" التابعة لحماس في خان يونس محمد حلو. جهود دبلوماسية وبالتوازي مع العمليات العسكرية، تتواصل الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة المستمرة منذ 10 أيام متواصلة. وبدأ وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي مهمة للسعي الى وقف لاطلاق النار في قطاع غزة، ولكنهم اعترفوا بانهم يواجهون مهمة صعبة. ومن المتوقع ان يصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى المنطقة اليوم الاثنين، في محاولة دبلوماسية جديدة للتوصل الى هدنة تعارضها اسرائيل حتى الان. فيما أعلن المسؤول في حماس أيمن طه أن حماس سترسل ايضا ممثلين الى مصر لاجراء محادثات لاول مرة منذ بدء الغزو الاسرائيلي. ويبدو ان التسليم الوشيك للرئاسة في الولاياتالمتحدة همّش واشنطن تقريبا، مما يتيح فرصة لاوروبا لاخذ زمام المبادرة والحث على انهاء الهجوم الاسرائيلي. ولزم الرئيس الامريكي المنتخب باراك اوباما الصمت بشأن الازمة ولم يقل مستشاريه سوى ان الرئيس جورج بوش سيتحدث باسم واشنطن الى ان يؤدي اوباما اليمين في 20 يناير الجاري. رغم ذلك، أيدت ادارة بوش اسرائيل، قائلة انه يتعين على حماس وقف اطلاق الصواريخ على اسرائيل من اجل بدء هدنة. ولم يدع ساركوزي الذي يلتقي مع الزعماء الاسرائيليين اليوم الاثنين انتهاء رئاسة فرنسا للاتحاد الاوروبي الاسبوع الماضي يمنعه من القيام بدور بارز ولكنه سيتقاسم العمل مع وفد منفصل يرأسه وزير الخارجية التشيكي. وقبل التوجه الى مصر لاجراء محادثات قبل اجتماعاته في اسرائيل والمناطق الفلسطينية قال ساركوزي انه "يدين هذا الهجوم" لابعاده فرص السلام وزيادة صعوبة توصيل المساعدات للفلسطينيين في غزة. ومن المرجح ان يؤدي سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين في القطاع الذي يقطنه 1.5 مليون نسمة، الى زيادة الضغوط الدولية على اسرائيل كي توقف اكبر عملية لها في قطاع غزة منذ 40 عاما. فيما تنطوي المعركة على مخاطر سياسية كبيرة بالنسبة للزعماء الاسرائيليين قبل الانتخابات العامة المقررة في 10فبراير، اذا ما تكبدت القوات الاسرائيلية خسائر فادحة في القتال في شوارع غزة.