يتجول البهلول بالمبخرة سنوياً وفي يوم معلوم، ومن قمتها ينساب خيط دخان أبيض رفيع يتجول بين المنازل ويصل إلى أنوف السكان جميعاً برائحة غامضة هي خليط من روائح العود واللبان البلدي، وكان مألوفاً أن تصاب أغنام الحارة بعطس متواصل في أيام جولات البهلول. يقول الناس: إن هذا العطس القادم من أبخرة «دمْدم» تطهر الدواب من الآفات والأمراض، وتخرج الأفاعي من جحورها، وتحاصر الصراصير في أوكارها، وتميت البعوض في برك مياهها؛ ولأن الأمر بهذه المثابة فإنهم يتجهون بالأغنام إلى بئر الماء ذات البرك المفتوحة ويجعلونها تشرب من الماء بجوار الأبقار والجمال والحمير اعتقاداً منهم بأن التطهّر سيسري على بقية الكائنات، وأن أبخرة دمدم المباركة لها فعل السحر على توازن الحارة وسكانها ومواشيها ومياهها وأجوائها. ينساب خيط الدخان الأبيض من أعلى المبخرة متجولاً بين أروقة الحارة ومنازلها، وتتواشج كلمات دمدم المُبهمة مع الروائح الغامضة، فيما ينصرف الأطفال لنوع من الاحترام الاستثناء للبهلول الذي كانوا قبل حين يزعجونه قائلين «دمدم».. لا عشاء اليوم!!، فيبكي دمدم كطفل صغير ويلجأ بعد قليل إلى ربة الصمت المديد والإبحار الفريد صوب برازخ الكائنات الزرقاء ذات العيون الكبيرة المطروحة في منتصف الوجه، والآذان الطويلة، والأقدام التي كأقدام الحمير. يقولون إنهم الجن، ويصفونهم بتلك الصفات الجسدية، ومن لا يريد أن يصدق ذلك يمكنه الاستماع للمزيد من قصص البهلول دمدم.