كانت حياة البحر في تلك العهود التي عاش فيها عالم البحار أحمد بن ماجد في القرن الخامس عشر الميلادي تعني العمل والإنتاج والمغامرة ، والتمرس في مهارات متنوعة تبدأ بأعماق البحار وحيواتها، ولا تقف عند تخوم الماء بتقلباته ومفاجآته، بل تصل إلى علوم الأفلاك والإشارات والنجوم، وتضع كل تلك المستويات في مدى الحدس والذائقة والتوقعات. لقد أثبت بن ماجد أنه يجمع شتات المتناقضات معرفياً وممارسياً حتى تحول إلى قامة يُشار لها بالبنان في علوم البحر وسبر أغواره ومساراته. أبحر بن ماجد مع والده سبع سنوات كانت بمثابة مدرسة الانطلاق الحاسمة في حياته البحرية، وبعد وفاة والده أصبح القائد والربان، وكانت له قدرات خارقة في معرفة تقلبات الرياح وقياسات النجوم وتوقعات الأمواج ومساراتها المتعرجة، بالإضافة إلى معرفة الآلات البحرية وكيفية عملها والاستفادة منها بأقصى ما يمكن من المهارة . لهذه الأسباب مجتمعة منحه البحارة بجدارة لقب «المعلم» الذي ترافق مع ألقاب أخرى أيضاً. ألقاب بن ماجد المتعددة دلت على موسوعيته المعرفية وحياته العامرة بالعمل والقراءة والكتابة، فقد ترك لنا ما يزيد عن 40 مخطوطاً في الشعر والعلوم «جُلها مفقود حتى الآن»، كما تشير تلك الألقاب إلى مكانته الكبيرة في عوالم البحار علماً ودربة، فمن ألقابه «الريّس والمُعلّم والرّبان وأسد البحار وليث الليوث وابن ربان البرّين».