المسئولية الاجتماعية لشركات ومؤسسات القطاع الخاص مفهوم نشأ مع تراجع القطاع العام كقطاع قائد للاقتصاد وحامٍ للطبقة المتوسطة والفقيرة.. وهيمنة القطاع الخاص على الاقتصاديات المحلية وفتح الأسواق أمام الشركات والمؤسسات التجارية بدون ضوابط مما أفرز رؤوس أموال كبيرة نشأت على حساب استغلال العامل والمستهلك واستغلال وجود ثغرات في القوانين والتشريعات المنظمة لعمل هذا القطاع أو التحايل على تلك القوانين لتعظيم أرباحها. المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص تضع العلاقة بين العامل والمستهلك والمجتمع عموماً وبين القطاع الخاص في موقع ندية تحكمه تبادل المصالح والمنافع، فمتانة العلاقة بين القطاع الخاص والمجتمع ونديتها تتحول إلى علاقة انتماء، فالشركات التي تتلمس حاجات المجتمع تشعر أفراده بانتماء هذه المؤسسات إليهم وبالتالي تتحول هذه العلاقة إلى علاقة تكامل، ليس للأعمال الخيرية التي يقدمها القطاع الخاص علاقة بل بالمسئولية الاجتماعية، لأن الأعمال الخيرية جزء من الالتزام الديني الذي فرضه الشرع على رأس المال «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلِّ عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم». أما المسئولية الاجتماعية فإنها تقوم على أساس تبادل المنافع بين التاجر والمستهلك وتتحول إلى حقوق للمستهلك على القطاع الخاص. شركات القطاع الخاص تلوث البيئة وتغرق الأسواق بالمنتجات الرديئة وبعضها تحوي مواد مسرطنة وبالتالي فإنها تلحق أضراراً جسيمة بحياتنا وبمستقبل أطفالنا وعليها أن تقدم التعويضات المناسبة والقانونية للمجتمع الذي تعمل فيه. السؤال الذي يطرح نفسه: هو كيف نطالب هذه الشركات والمؤسسات بمسئولية اجتماعية وهو قانون أخلاقي وهي من تنتهك قانون العمل ولم تلتزم بدفع الضرائب والجمارك والواجبات الزكوية التي يحددها القانون؟؟!! أحد العمال في إحدى شركات القطاع الخاص يعمل في أحد الملاهي وهو شاب في العشرينيات من عمره ويحمل مؤهلاً جامعياً قال بأنه يعمل من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثانية ظهراً و من الساعة الرابعة عصراً حتى العاشرة مساءً مقابل أجر عشرة آلاف ريال فقط ، مما يعني أن هذه الشركة تعمل خارج قانون العمل وخارج قانون الأخلاق والدين الذي يحرم الاستغلال أياً كان، ولايشابه وضع هذا الشاب وبصورة أسوأ إلا حال المعلمين والمعلمات في معظم المدارس الخاصة. وشاب آخر بُترت أصابعه وهو يعمل في أحد مصانع البلاستيك بأجر يومي مقداره 300 ريال بدون عقد عمل واكتفى المصنع بإيصال العامل إلى المستشفى ليتولى والده علاجه وتسفيره إلى الهند للعلاج بعد أن باع كل مايملك وبعد عودته من الهند طالب المصنع بخسائره إلا أن المصنع أنكر أية حقوق بحجة أن العامل ليس له عقد رسمي وغير مؤمن عليه.. فمن يحمي العامل من المحسوبين على القطاع الخاص؟؟ المسئولية الاجتماعية من أهم مبادئها الإلتزام بالقوانين المنظمة لحقوق العمال واحترام حقوق الإنسان والمحافظ على البيئة ومحاربة الفساد وبالتالي فإن الإلتزام بالمسئولية الاجتماعية سينتهي بالضرورة إلى الإلتزام بقانون العمل ودفع ماعليها من ضرائب وجمارك وواجبات زكوية للمجتمع. المسئولية الاجتماعية تقتضي المساهمة الفاعلة بالتدريب والتأهيل للعاملين لديها والشباب عموماً لأن القطاع الخاص هو أول من يستفيد من الكوادر المدربة والمؤهلة والمساهمة في تحسين وتجويد التعليم عن طريق المساهمة في توفير الأثاث المدرسي والتحضيرات المدرسية من أجهزة حاسوب ومعامل علمية ووسائل تعليمية وتبني الأنشطة الثقافية والعلمية المدرسية والجامعية أو التي تنظمها منظمات المجتمع المدني والمساهمة في دعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل للمواطنين وتوفر فرص عمل أكثر وتعمل على تحسين ظروف العيش للعاملين في القطاع الخاص عن طريق توفير المساكن وتمليكها لهم بالتقسيط وهي مساهمة لحل أزمة الإسكان. إن تطور القطاع الخاص مرهون بتطور المجتمع وتحسن مستوى معيشة أفراده وبالتالي من مصلحة هذا القطاع المشاركة بفاعلية أكبر من أجل تطوير المجتمع وتوفير اسباب نهوضه وتحويل المسئولية الاجتماعية إلى إلتزام ذاتي وإلزام اجتماعي تجسده آليات محدده ومنظمة في إطار الغرف التجارية وفي إطار الشركات والمؤسسات الخاصة.