إن كان لابد من الحديث عن الوحدة في ظل ماهو حاصل في الوقت الراهن من دعوات معادية لها، ومن استغلال سياسي قذر لمايحدث في بعض المحافظات، فإن أول الحديث يقول لايمكن لصوت القلة التي تجوب الشوارع متنقلة من مديرية لأخرى رافعة أصوات العداء للوحدة وأعلام الزمن البائس، لايمكن لهذا الصوت أن يطغى على أصوات الأكثرية المؤيدة للوحدة الراضية بها بلا بديل أو منازع أصوات الأكثرية التي هتفت فرحاً بالوحدة ووقفت معها في كل منعطف وكانت حاضرة بقوة ساعة الخطر الذي لاح ذات عام مضى واستطاعت أن تقهر كل الأخطار. ومامن شك أن الأمور لم تزل عند الجميع على درجة كافية من الوضوح لمعرفة حقيقة مايحدث اليوم والأهداف التي تنطلق من أفواه أصحاب مايسمى بالحراك وفي شعاراتهم، وأن الرسالة التي ترسل من خلال رفع الاعلام الشطرية هي أيضاً واضحة. والماضي الذي تُذكّر به تلك الأعلام والشعارات لم تزل آثامه وآثاره عالقة في كل ذاكرة عاش صاحبها زمن تلك الأعلام التي يلوحون بها ويرفعونها هنا وهناك.. تحت تلك الاعلام والرايات كان الظلم والقهر والقمع والقتل والتصفيات الجسدية كل هذا يدركه أبناء المحافظات الجنوبية وأكثر منه، ولهذا فإن رفع العلم الشطري في مظاهرات الحراك والداعمين له لايذكر بخير مطلقاً، لكنه يذكر بماكان يحدث في حقبة ماقبل الوحدة. كل ماقد يقال اليوم عن الوحدة من مساوئ لايقال إلا من باب الترويج لبضاعة الانفصال والتشطير وهي بضاعة يدرك الجميع في المحافظات الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية على حدٍ سواء خطورة تداولها واستهلاكها. وإن الوهم ومن بعده الموت والخراب والدمار وأشياء من هذا القبيل هي الوعود الحقيقية التي يعد بها كل من يعادي الوحدة ويرفع اعلام التشطير ويروج لبضاعة الانفصال على النحو الذي نراه اليوم ونسمعه، ونرى كيف يتاجر البعض سياسياً بهذه القضية دون أدنى اعتبار لقيم ومبادىء يفترض أن تكون حاضرة أولاً باعتبار أن الوحدة للجميع وإن حدث خلاف أو اختلاف حول قضية أو أكثر في الشأن السياسي أو غيره، لكن المؤسف حقاً ان يتخلى البعض عن فضيلة الوحدة ويتمسك برذيلة المصلحة المفترضة الشخصية، ويسلك سبل الضلال والفوضى من أجل تحقيق هذه المصلحة أو تصديقاً لوعود الوهم التي يسوقون لها في الصحف والمواقع الالكترونية وفي الكلمات التي تلقى في مسيرات الوهم الموعود.. أحزاب اللقاء المشترك ولا أدري أي لقاء هذا الذي يجمعهم على مائدة الحراك الذي يدعو للانفصال والتشطير والفرقة ؟؟ أحزاب المشترك منفردون أو مجتمعون يتاجرون بمايحدث سياسياً ويكذبون على بعضهم وعلى غيرهم بقصد وبغير قصد وكل حزب بمالديهم فرحون، وحسابات كل حزب منهم مختلفة تماماً عن البقية.. الحزب الاشتراكي يصفي حساباته مع الوحدة التي أفقدته شعبيته في المحافظات الجنوبية وكان يظن أنه لن يفقدها، فوجد في مسألة الحراك على علة المسمى والهدف، وجد مايمكن أن يسميه فرصة في العودة إلى قلوب أبناء المحافظات الجنوبية وهذا يكفي بالنسبة له بعد كل ماأدركه في الفترة الماضية وظن ظن السوء ان وقوفه إلى جانب أصحاب الحراك بصورة أو بأخرى هو الخيار الأمثل الآن، على ان أولئك لايعترفون بالحزب ولا بدوره ولايريدونه أن يكون موجوداً من أساسه. وأسوأ مافي هذا الوقوف والموقف أن يصبح الحزب الاشتراكي تابعاً لعصابة تدعى بالحراك تسيره كما تشاء أو يسير هو خلفها مجاناً وغباءً فتستغل هذه العصابة أعضاء الحزب للظهور بكثرة عددية تستفيد منها إعلامياً، وتستفيد من إعلام الحزب وأبواقه في نشر أفكارهم ودعواتهم والترويج لها، وفجأة يصبح الحزب الذي يوصف بالتجربة والخبرة السياسية تابعاً لجماعة لاتعرف من أصول السياسة شيئاً مفيداً. وعن حزب التجمع اليمني للإصلاح فقد تخلى هذا الحزب عن أهم قواعد الدين التي تؤكد على الوحدة والتمسك بحبل الجماعة وتحث على أهمية وضرورة التوحد ولم الشمل كمبدأ شرعي لايؤمن بمبررات السياسة ولايعترف بها.. قيادات من الإصلاح في أكثر من مكان تدعو للانفصال والتشطير وبالأخص في بعض المحافظات دون استثناء لقياداتها العليا من هذه الدعوات المناقضة لقيم الدين الاسلامي والشريعة الاسلامية. ثم لاتستمع من يقول منهم لا لتلك الدعوات لامن خلال بيان من الهيئة العليا ولافي خطب ومحاضرات مساجد الاصلاح ويجري التعامل مع قضية الوحدة كورقة سياسية يمكن من خلالها الوصول إلى السلطة في يمن واحد أو في يمنين منفصلين حيث يؤمل حزب الاصلاح السيطرة على السلطة في اليمنين ثم التوحد إن امكن ذلك بين سلطتين اصلاحيتين ومبرر هذا الجنون الاصلاحي في الوقت الراهن ان الوصول إلى السلطة في ظل اليمن الموحد حالياً ليس سهلاً وبالتالي لاضير إن كان الوصول للسلطة يمر من بوابة الانفصال وطريق الحراك.. بالطبع حسابات من هذا النوع لا علاقة لها بالعقل والحكمة وحسن الفهم والتصرف لكنه دين السياسة والرغبة الجامحة في الوصول للسلطة مهما كان الثمن، غير أن هذا الأمر ليس سهلاً من ناحية واقعية وفيه تجاهل لوعي الناس وإدراكهم لماتريده الأحزاب السياسية ولحقيقة الفكر والسياسة لديها.