في بلد لا يستغني عن النهر بالبحر.. بلد الزراعة فيه هي الأصل والفصل مهما زادت هجرة سكانه من الريف إلى المدن.. يبقى المطر نعمة كبرى وهدايا عظمى إن نحن خططنا ليس للاستعمار وإنما لاحتضان سيوله في أماكن قصية لا تتصحر بالتبخير وإنما تعيد شيئاً من الحياة إلى مخزون المياه المتلاشي بسبب التعاطي السفيه مع الماء. في الأرياف تفتق الذهن عن بناء أعداد لا تحصى من السدود والبرك الصغيرة حيث صارت الملجأ لمواجهة عطش شهور القحط وغياب السحب المحملة بجبال المياه. وقبل فترة تحدث رئيس الجمهورية نفسه عن أهمية أن نعزز السدود بفتح حفر عملاقة في مساقط استقبال مياه الأمطار لأن من شأن ذلك كما يقال خبراء المياه تموين وإعادة الحياة إلى أحواض المياه تحت الأرض حيث يكمن التوفير الحقيقي للمياه؛ ذلك أن السدود تتبخر بحرارة الشمس على طريقة مياه البحر. وبعيداً عن آراء المنشغلين بتداعيات الأعاصير والاحتباس الحراري والتأثيرات المناخية المتغيرة على كوكبنا الأرضي ومدى ما سيصيبنا من النعمة أو النقمة بفعل هذه التغيرات فإن صيف هذا العام 2009م هو صيف ماطر بامتياز، وهذه السحب التي تغطي سلسلة طويلة من جبال وهضاب اليمن تبشر بالكثير من الأمطار.. ولله الفضل. وهنا لابد وأن نتعامل مع نعمة المطر بذكاء وحكمة يوسف، ولن يتحقق ذلك إلا بالمزيد من الاهتمام بالسدود والحواجز المائية والبرك الصغيرة مع استخدام الحفر في المساقط لتعزيز المخزون المائي مع تجديد انتمائنا إلى حماية المدرجات من التهدم والانجراف بصيانة مجاري المياه وسرعة بناء كل ما يتهدم من مدرجات. لقد أثبتت شواهد التاريخ القديم والحديث أن الزراعة في اليمن هي الأصل وأن المياه ستبقى أغلى وأثمن من النفط بإجماع كل من تحتضن جماجمهم عقولاً لايعوزها التفكير السليم ولا تفتقر للحكمة.