بعض الناس يريد أن يحل مشكلاته من خلال الآخرين، وهذا دليل ضعف وعجز. وما أشبه الليلة بالبارحة، فلقد حفل التاريخ الحزبي وبخاصة في العالم العربي بكثير من المفارقات السلبية، إذ كانت الدول الكبرى تقوم في الحرب فيما بينها على أكثر من جبهة. فالاتحاد السوفياتي يرسل الجواسيس إلى أوروبا وأمريكا، وكثير من الدول العربية وبطرق سرية، تسري فيها أدواء الحزبية، فبالإضافة إلى القواعد الحربية العسكرية هنا أو هناك وبموجب عقود أو هيمنة - بالقوة - تقام بين المعسكرين الشرقي والغربي، فإن الأحزاب ولماتزل سرية في الكثير من أقطار العروبة ترتهن بدورها لواحد من هذين المعسكرين أو تقوم فيها أكثر من حزب، لتمضي الصراعات قوية وفعالة بين هذه الأحزاب، أو على الصحيح بين قيادة هذه الأحزاب، أما القواعد فلا تزال ترتهن لقياداتها، وتعمل بحسن نية، اما من أجل اعلاء راية الاسلام كما يزعمون أو من أجل التقدمية، أو الجهاد في سبيل الله أو مواجهة التخلف والارهاب وغير ذلك من المسميات!!. في الحربين العالميتين الأولى والثانية نشطت حرب الجواسيس بين الدول الكبرى، وكلفت هذه الحرب أموالاً وأرواحاً وعقولاً. وكان ان رأى «جوبلز» وزير الاعلام «الهتلري» ان يوجد ما أطلق عليه «الجاسوس» البديل، فبدلاً من ان ترسل المانيا جاسوساً المانيا إلى وطن العدو، تستأجر وهو الأفضل عميلاً من أبناء الوطن العدو نفسه، عملاً بمثل أهل مكة أدرى بشعابها. فالجاسوس الوطني على علم بثقافة شعبه ونفسيته ويعرف التضاريس والطقس.. إلخ، غير ان الموضوع السلبي في هذا «البديل» هو قيام كثير من الجواسيس بدور مزدوج، وكما كان موضوع الجاسوس البديل وجدت ما يسمى بالأرض البديلة لإدارة الصراع بين بلد وآخر. وفي العالم العربي وجدت الكثير من الأوطان البديلة، وكان ان أشار محمد حسنين هيكل في كتاب له، اسمه «عبدالناصر والاستعمار» لهذا الموضوع. أما الآن فإن بعض الدول حاولت ان تكون «لبنان» أرضاً بديلة لصراعات اقليمية، إذ يكتفي هذا البلد أو ذاك ان يمد بعض الفئات اللبنانية بالمال والمهارات التدريبية، وعلى اللبناني أن يقاتل لحساب هذا أو ذاك. نخلص إلى ان من المستحيل ان يقبل اليمنيون بحكمتهم وإيمانهم ان تكون اليمن أرضاً بديلة لصراعات أجنبية.. فولاؤنا الوطني يرفض الولاء لأي جهة إلا الولاء لليمن الواحد.