لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    الكهرباء أداة حصار.. معاناة الجنوب في زمن الابتزاز السياسي    التفاهم بين الحوثيين وأمريكا يضع مسألة فك إرتباط الجنوب أمر واقع    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    عدن تنظر حل مشكلة الكهرباء وبن بريك يبحث عن بعاسيس بن دغر    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    باجل حرق..!    الذكرى الثانية للتوقيع على الميثاق الوطني الجنوبي    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الحكومة: الحوثيون دمّروا الطائرات عمدًا بعد رفضهم نقلها إلى مطار آمن    مجزرة مروعة.. 25 شهيدًا بقصف مطعم وسوق شعبي بمدينة غزة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    صنعاء تكشف قرب إعادة تشغيل مطار صنعاء    وزير النقل : نعمل على إعادة جاهزية مطار صنعاء وميناء الحديدة    بيان مهم للقوات المسلحة عن عدد من العمليات العسكرية    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    صنعاء .. هيئة التأمينات والمعاشات تعلن صرف النصف الأول من معاش فبراير 2021 للمتقاعدين المدنيين    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    صنعاء .. الصحة تعلن حصيلة جديدة لضحايا استهداف الغارات على ثلاث محافظات    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    قيادي في "أنصار الله" يوضح حقيقة تصريحات ترامب حول وقف إطلاق النار في اليمن    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    باكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية حديثة وأسر جنود    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ ومجانين الاثني عشرية ؟
نشر في الجمهورية يوم 05 - 09 - 2009

التاريخ يكتب بالطريقة التي يراها الكاتب لخدمة فكرته وقناعاته ومعتقداته، وبذلك لم يسلم التاريخ من التشويه لصورته الحقيقية طالما أصبح أداة من أدوات الحرب والتوسع.
تغيير ملامح التاريخ يهدف إلى ضرب الأسس التي تقوم عليها أفكار وثقافة الناس ، وتجيير التاريخ لصالح فكرة معينة كثيراً ما يحدث خصوصاً عند شركاء ذلك التاريخ لإظهار أشياء لم تحدث سوى في مخيلة الكاتب وهو بذلك يريد أن يوصل رسالة لها أهدافها.
الروايات والكتب التاريخية لعبت دوراً مهماً في إيصال الرسائل التي تقف خلفها وأمامها أهداف سياسية وبالطبع ليست كل الروايات ولا كل الكتب التاريخية كُتبت بأدوات سياسية ولا كل المؤرخين سلكوا ذلك الأسلوب وتلك الطريقة في الكتابة ، وبالمقابل هناك الكثير من الروايات والمؤلفات التاريخية قديمها وحديثها التي استهدفت التاريخ بالتشويه لصالح فكرة أو معتقد ، ومنها ما جرى تحويله إلى مسلسلات لتصل الرسالة إلى نطاق أوسع ويتحقق الهدف المتمثل في تقديم وجبة تاريخية مسمومة ، وهذه المسلسلات أخطر من الكتب وإن زاد عدد الكتب فإنها لا تصل إلى العدد من الناس الذين تصل إليهم المسلسلات في ظل الفضاء المفتوح في الوقت الراهن.
في المسلسل الذي سمي ب«أعقل المجانين» الذي وصل إلى الجزء الثالث ويبث في عدد من القنوات منها قناة «المنار» التابعة لحزب الله اللبناني وقنوات أخرى لها نفس التوجه.. تدور أحداث هذا المسلسل حول شخصية رجل يدّعي المؤلف أنه كان فقيهاً وعالماً في زمن خلافة هارون الرشيد العباسي وهو الزمن الذي كان فيه الإمام السادس من أئمة الاثني عشرية المسمى «موسى الكاظم» ونظراً لعلم ذلك الرجل ودهائه قرر الخليفة هارون الرشيد أن يوليه القضاء ولأنه -أي الرجل - كان يعتقد أن هارون الرشيد مغتصب للحكم في وجود الإمام السادس فقد قرر رفض المنصب ولم يجد من وسيلة لإظهار رفضه سوى أن يدعي الجنون بطريقة فصّلها المؤلف تفصيلاً بما يبقي على هيبة المجنون ودهائه ووقاره وأطلق عليه من حينها لقب «بهلول» وظل ذلك الرجل في بغداد وتحديداً في سوق «الكرخ» يجوب السوق وأبواب قصر الخليفة مفتوحة أمامه متى شاء ذلك ، وهو في السر يعمل لصالح الإمام السادس ويجمع له «الخُمس» ويرسله إليه مع أناس يأتون من طرف الإمام دون أن يشعر بهم أحد واستطاع أن يخدع هارون الرشيد طيلة فترة خلافته رغم الشكوك التي كانت تدور حوله واستمر الحال إلى خلافة «محمد الأمين» من بعده وخلال كل تلك الأحداث كانت الرسائل تتوالى من أكثر من جانب ، فقد جرى تقديم ذلك الرجل على أنه الأتقى والأذكى من كل من عاصروه ولا يساويه في علمه وخوفه من الله أحد، كما أن كل مشكلة وكل قضية تستعصي على الجميع حتى الخليفة ذاته وسائر علماء ذلك العصر الذين جرى تجاهلهم ولم يشار إليهم بشيء كان مفتاحها عند «بهلول» وحلها لديه.
وفي ذات الوقت جرى تقديم «الخلافة المغتصبة» على أنها ظلم وخوف وجوع ؛ فالناس كانوا في أسوأ حال وقد عانوا صنوف الظلم ، ومن لم يجد له مأوى يذهب إلى دار« بهلول» الذي ذاع صيته في الأرجاء ، ومن تقع عليه مظلمة لم يجد من ينصفه سوى «بهلول» و«بهلول» وحده يستطيع أن يقف أمام الخليفة ساخراً منه ومن حكمه ومقرعاً إياه بما لا يمكن قوله .. الغريب أن ذلك الرجل المجنون كان قد مات في خلافة الأمين في أحداث الجزء الثاني من المسلسل وبكى عليه الناس وانتحبوا وأظلم سوق «الكرخ» وسائر بغداد إلا أن المؤلف قرر بعثه من جديد في أحداث الجزء الثالث ليواصل محاكمة التاريخ وفق رؤيته.
ومن يتابع أحداث مسلسل «أعقل المجانين» يستطيع أن يقرأ جيداً الهدف المعاصر إلى جانب الأهداف القديمة من هكذا روايات تاريخية وهي مختلفة جرى إسقاطها في زمن هارون الرشيد والأمين والمأمون دون مراعاة للحقائق ، والهدف هنا لا يختلف كثيراً عن الهدف الذي جاء في روايات «ألف ليلة وليلة».. وغيرها من الروايات والمؤلفات التي تستهدف تشويه التاريخ في جانب منه لصالح جانب آخر.
خلاصة القول إن ما نشاهده وما يجري تسويقه عبر وسائل الإعلام المختلفة ليس مجرد مسلسلات عابرة إنها عملية مسخ للتاريخ الإسلامي بالطريقة التي جرى فيها خيراً وشراً لكن ما حدث ويحدث أن أموالاً طائلة تدفع من أجل القيام بهكذا أعمال هي بمثابة الدعوة لذلك المذهب الذي يقف أصحابه خلف كل المصائب التي حلت بالمسلمين على مر التاريخ ، وهاهم يعيدون المحاولة لتشويه ذلك التاريخ في فكر ووعي الأجيال المعاصرة.. بالطبع لا أحد يستطيع إيقاف تلك الكتب والروايات والمسلسلات وليس هذا هو القصد من كل الكلام، إنما لابد من جهد حقيقي لمواجهة هذه الأفكار التي تكرس العداء وتشوه التاريخ وتسيء لأعلام المسلمين وتاريخهم على مرأى ومسمع من الجميع. فالخطر من هنا يبدأ والسيطرة من هنا تكون..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.