ا لطفل دائماً طاهر وبريء وقلبه نور، لم يتلوث بعد بملوثات الحياة لا يعرف الحقد أو الحسد أو الكره، ما زال نقياً بريئاً طاهراً، كيف لا وهم أكبادنا التي تمشي على الأرض، عيوننا وقلوبنا نشقى لإسعادهم ومن أجلهم نضحي براحتنا من أجل راحتهم نسهر الليالي الطوال من أجلهم نسعد لسعادتهم ونتألم لما يتألمون منه، هم شمسنا المشرقة وسعادتنا الحاضرة والمستقبلة لذلك جعلهم الله زينة لنا في حياتنا وهم من يدعون لنا بالخير والرحمة والمغفرة لنا بعد مماتنا. غير أن سمر شوعي صالح التي لم تتجاوز الأربعة الأعوام من عمرها بعد لم تعرف ذلك، لم تعرف ما هو الحنان وماهي السعادة وماهي الضحكة، القدر كان سريعاً في حرمانها من أبويها، لا تعرف أباها أو أمها لا تعرف حتى ما هي الابتسامة. يقول الدكتور هيكل: الطفلة سمر عانت من أهمال أسري شديد، حالتها النفسية سيئة للغاية دائماً في بكاء وصياح شديدين لا تأكل أو تشرب، هذه الطفلة منهارة تماماً ويقول:لن أتصور أن هناك من يعامل الأطفال بهذه القسوة والوحشية، كشفنا عليها وإذا بها العديد من آثار الحروق جراء تعذيبها في هذه الأسرة ويضيف قائلاً: ليس لديها أحد بجانبها فقط هذه الطفلة، «طفلة أكبر منها بست سنوات تقريباً كانت تجلس إلى جوارها» الدكتور هيكل كان يتحدث إلينا عن حالة هذه الطفلة سمر وهو خائف لا يريد التحدث ومنعنا أيضاً من تصويرها وقال: يجب أن يكون هناك إذن من مدير المستشفى هذا هو النظام وفعلاً رجعت اليوم الثاني وهو يوم الأحد الماضي وكلمت الدكتور حامد الكاف مدير المستشفى فأذن لي بالتصوير فقمت بتصوير الطفلة سمر وهي في سرير مرضها بالمستشفى بجانبها طفلة أخرى لم تتحدث لي بشيء عن حالة سمر وما سبب ذلك تقريباً ، حذروها مسبقاً من التحدث عن أي شيء عن سمر وما سبب تدهور حالتها الصحية بهذا الشكل، ثم سمعت من أحد المرافقين لأحد المرضى أنه سمع الأطباء يتحدثون أن سمر عانت من إهمال أسري كبير وكانت تتعرض للضرب والتعذيب وبأسلوب وحشي. يا الله كيف يتم تعذيب طفلة بالنار لم تتجاوز الأربع سنوات من عمرها، يا الله ما قسى وأشد هذا الزمن الذي ساق بسمر إلى هذه الأسرة الفاقدة للحنان ولحب الأطفال الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نرحم وأن نحسن إلى من هو أضعف منا، فما بالنا بأولادنا أو إخواننا. نبينا الكريم وقدوتنا في الدنيا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان حفياً بالأطفال يخصهم بالملاطفة والمداعبة وينزل إليهم. وقد ثبت في الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي العاصي بن الربيع فإذا قام حملها وإذا سجد وضعها. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبَّل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس فقال الأقرع: إن لي عشرة من الأولاد ما قبَّلت منهم أحداً فنظر إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: «من لا يرحم لا يُرحم». وهذه الطفلة سمر لم تعرف الابتسامة أو القبل، ولم تُرحم يوماً كانت تُعذب بالنار بسبب لا تعرفه ما زالت في السنة الرابعة من عمرها، ما زالت تتعلم كيف تنطق الكلمة. يقول الشيخ ناصر الشيباني بأن أحد الأطباء المختصين أجرى بحثاً على عدد من الأطفال حديثي النشأة والولادة، ترك بعضهم ينمو في أحضان أمه ترضعه من ثديها، وتدفئه بحنان صدرها، وتضعه على الناحية اليسرى عند حملها، حيث يسمع دقات قلبها، وأخذ عدداً آخر في حجرة أخرى وسجل لهم نغمات موسيقية مختلفة، وعدداً آخر تركهم دون أن يسجل لهم شيئاً، ثم كانت العناية بالجميع واحدة من حيث الدفء والراحة والمأكل والمشرب والملبس والنظافة ثم تابع النتيجة ، فكانت أن أصحهم جسماً وأكثرهم نمواً وأقلهم بكاء وأشفهم وجهاً وأعظمهم راحة وأعمهم بشراً هو النوع الأول الذي حظي بدفء حنان أمه، وأكثرهم قلقاً وأشدهم بكاءً وأعلاهم صراخاً هو الصنف الذي حرم العاطفة وحنان الأم. فما بالنا بسمر التي فقدت والديها وحظيت بكل أصناف الحرمان والضرب والتعذيب، يا الله ما أقسى هذه القلوب يقول طبيبها هيكل: سمر تحتاج إلى علاج طويل يخرجها من حالته النفسية المتعبة جسمها بحاجة إلى علاج جراء التعذيب الذي وجده بحاجة إلى من يجبر قلبها المكسور في أسرة غير هذه الأسرة عديمة الرحمة والإنسانية فهل بنادر إلى إنقاذ سمر، هل تبادر وزارة حقوق الإنسان ومنظمات حماية الطفولة إلى حماية سمر حتى لا يتكرر تعذيبها وتعود إليها ابتسامتها التي أصلاً لم تعرفها.