من الطبيعي توقع ان يلقى السيد محمد البرادعي ترحيباً حاراً في ايران التي يزورها للمرة الأخيرة كمدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية. الترحيب الحار ليس من باب مراسيم الوداع للرجل فالمسؤول الذي تنتهي صلاحيته لا يراعى كثيراً ما لم تكن له ارصدة احترام سابقة وهذا ما حرص البرادعي على ايداعه في مرحلة عمله الاخيرة مديراً لوكالة الطاقة الذرية قبل تولي البديل الجديد ذات الموقع. وصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الى العاصمة الايرانيةطهران في زيارة لإيران لبحث زيارة المفتشين للمفاعل الثاني الذي كشف عنه مؤخرا والواقع في مدينة قم الايرانية. البرادعي التقى الاحد بعد استراحة يوم الاستقبال بالمسؤولين الايرانيين حيث التقى بمسؤول الطاقة النووية الايرانية على اكبر صالحي وبالرئيس احمدي نجاد الذي استقبله بحفاوة. لم تخل تقارير البرادعي من وصف المشروع النووي الايراني بالسلمية حتى في اصعب ظروف المهاترات مع الغرب ولذلك حظي البرادعي بذلك المستوى من الاستقبال. تأتي الزيارة بعد يومين من ختام جولة مباحثات في جنيف بين الدول الست الكبرى وطهران حول برنامج الاخيرة النووي. محادثات جنيف التي جرت في وقت سابق من الاسبوع الحالي هي الأولى من نوعها بين ايران والدول الست الكبرى. قال مسؤولون غربيون إنهم لاحظوا تجاوباًً ايرانياًً بعد أن وافقت الجمهورية الاسلامية على التعاون "فوراً وبصورة كاملة" بشأن الموقع النووي الجديد قرب قم كما أن الجانبان وخلال المفاوضات اتفقوا على عقد المزيد من اللقاءات في اكتوبر. زيارة البرادعي هدفها المعلن مناقشة موعد وشروط السماح لمفتشي الوكالة الدولية بالدخول إلى الموقع النووي الثاني الذي كشفت عنه ايران مؤخرا وقد تحقق له ذلك حيث وافقت ايران على الزيارة في ال25 من اكتوبر الجاري. كانت ايران اعلنت في أواخر سبتمبر الماضي عن وجود مفاعل نووي جديد بالقرب من مدينة قم. وقد جاء الكشف عن الموقع النووي الجديد ليزيد مخاوف الدول الغربية بشأن احتمال سعي ايران لامتلاك سلاح نووي. الرئيس الامريكي باراك اوباما كان طالب ايران عقب محادثاتها مع الدول الست الكبرى (امريكا، روسيا، فرنسا، بريطانيا، الصين وألمانيا) بالسماح لمفتشي الوكالة الدولية بتفتيش المنشأة النووية الجديدة خلال أسبوعين. وشدد اوباما على توقعات الولاياتالمتحدة بأن تقوم ايران ب «خطوات بناءة» لإقناع العالم بأنها لا ترغب في انتاج سلاح نووي. ايران من جانبها ابدت تعاوناً جيداً كما يبدو وطلب صالحي من البرادعي تضمين نقاط ايجابية في تقريره حول الزيارة التي يقوم بها الى ايران. لاتزال في يد ايران اوراق مساومة فالوكالة والغرب يودان من ايران التوقيع على البروتوكول الاضافي الذي يسمح بالتفتيش المفاجئ للمنشآت النووية وهي ورقة ستلعب بها ايران في سبيل الحصول على ضمانات جديدة كما يبدو.