إذا كانت المجالس بالأمانات فإن باصات النقل الجماعي ليست كذلك من منظور أن من يركبونها لا يعرفون بعضهم إلاَّ نادراً.. ومن يركب هذه الباصات اضطراراً أو فضولاً ويستمع إلى مايدور من نقاشات بين الركاب سيلتقط الكثير من الأفكار والتصورات والمواقف التي تعبر عن المزاج الشعبي وما يعتمل فيه.. آمال وآلام وأشجان.. وحيرة الشباب. وأمس الأول لفت نظري هذا الحوار بين ثلاثة من الشباب الذين لم يتجاوز عمرهم العشرين عاماً. الأول: لماذا لم يتزوج صاحبنا «فلان». الثاني: أبوه غني لكن بخيل «جلده»، ومصمم على ألاّ يتزوج ابنه إلاََّ بعد ما يقع رجّال ويدخّل فلوس والولد مولعي. الثالث: «تشتو» الصدق..؟ هناك أغنياء لكنهم يعيشون في قلق «مش» مرتاحين.. أمانة أن الفقير مرتاح وينام بسرعة.. لكنه وبدون أن يدري ينسف هذه القناعة وهو يقول في لحظة استسلام للطموحات: ما رأيكم بكتاب شمس المعارف..؟ أمانة إنه كتاب يجيب الجن مربطين..أنت بس اجمعهم واطلب وكل مطالبك تجي إلى عندك.. وأنت مرتاح.. ويواصل.. زمان كان معي كتاب لكنني أحرقته.. حرام قراءة كتب السحر.. المشكلة أن قراءته صعبة ومعقدة.. هذا ما استطعت التقاطه من الحوار بين ثلاثة من الشباب يكشفون بصوت مسموع عن طموحات وأوجاع وخيالات. كم أود أن يكون في بلادنا مشروع وطني كبير يستوعب طموحات الأجيال ولا يتركهم في انتظار منتجات استهلاكية ومسابقات الحظ.. وكتب الشعوذة والسحر.