معظم جوائز مهرجان القاهرة للإعلام العربي استحوذ عليها المصريون والسوريون كالعادة فلم تخرج النتائج عن التوقعات، وبقي الحال كما هو عليه بالنسبة للوفود العربية الأخرى والمشاركات المقدمة للدورة الأخيرة.. القليل من الجوائز.. والكثير من الجنائز، هذه خلاصة الخلاصات. .. عن جدارة واستحقاق.. تحصد الأعمال والمشاركات الدرامية والإعلامية المصرية والسورية الجوائز والمراكز المتقدمة، في جميع دورات المهرجان السنوي.. وتكتفي بقية الوفود والمشاركات العربية بفتات المائدة، وعن جدارة واستحقاق أيضاً! .. هذه الحالة المتكررة تعطيك صورة كافية عن واقع الإعلام العربي والدائرة المفرغة الذي يكرر ويستنسخ نفسه وذاته بداخلها.. فالنقطة التي انتهى إليها العام الماضي.. هي نفسها بتفاوت بسيط لا يذكر انتهى إليها هذا العام.. والقصة مستمرة هكذا منذ أعوام وعقود، وسوف تحافظ على هذه الآلية السكونية المتخاصمة مع روح الإعلام. .. الأمر لا يقتصر تكراراً فقط على الخاسرين، وإنما يشمل الفائزين بنفس القدر من الثبات والتحرك في الموقع أو النقطة نفسها؛ لأن المعايير التي تُحاكم إليها الأعمال الإعلامية والدرامية المتنافسة لم تتغير أو تُجدد في القيم والقواعد المهنية والفنية. .. وبالتالي فإن المهرجانات المعنية والنوعية تعيد إنتاج نفس القيم والأعمال والمستويات. .. وتحافظ على الصناعة الإعلامية والدرامية عربياً، بما لا يسمح أو يتيح المجال لبروز صناعة حرفية، تتمتع بالنزعة الثورية، في التجديد والإضافة، لمواكبة الطفرة الكونية الهائلة وغير المسبوقة في مجال الإعلام وتقنياته وفلسفاته المتاحة اليوم بيد المتلقي غير المتخصص وفي متناول المواطن العادي. .. الإعلام.. بتفرعاته ومجالاته المختلفة.. لم يصبح بعد في المنطقة العربية صناعة مستقلة «متحررة» قائمة بذاتها، لها مجالها وشروطها وسوقها الخاصة كما هي عليه في المجتمعات الديمقراطية وفي كنف الحرية الحقيقية، بدءاً من حرية الأفراد والتفكير والممارسة وإنتاج المواقف والقناعات الفردية، إلى حرية المؤسسات والكيانات المدنية، وانتهاءً بحرية السوق. .. والأمر لا يقتصر هنا على كمية الأموال المتوافرة وضخها وراء الإنتاج الإعلامي والدرامي.. وإلا فإن الأموال الخليجية الباهظة التي تضخ لهذا القطاع أكبر وأكثر مما لدى السوريين والمصريين. .. إلا أنه وبرغم ذلك لم نشهد تنافساً حقيقياً تصاعدياً، مع الإشارة والتنويه بمبادرات قيمة وإضافات نوعية جيدة قدمها عرب الخليج في القطاع الثقافي والأدبي والنشر الصحافي وتيسير الكتاب، وأيضاً المؤسسات الفكرية والمهرجانات والجوائز والإنفاق بسخاء على أنشطة موازية لا تقل أهمية. .. إلا أن الصناعة الإعلامية والثقافية تؤخذ كلاً، وبالإمكان الحصول على نتائج أفضل وأهم بمراحل متقدمة اعتماداً على نفس القدر الحالي من التمويلات، وربما بأقل منها! .. فقط يلزم تحديد غاية كبرى، مع بعض التفكير المسنود بإرادة جادة وتوجه عام نحو إعادة ترتيب الأولويات.. واستهداف جملة حضارية ونهضوية توظف المتاح المادي والحضاري.. صناعة متماسكة وقوية لا تزهد بالاستفادة من تجارب الآخرين، وصولاً إلى الإعلام الحر، والتنمية المستديمة، والإنسان القوي في المجتمع الديمقراطي. شكراً لأنكم تبتسمون [email protected]