"الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلاّ المرضى" ومهما حاول الإنسان الصحيح (الطبيعي) الشعور بأوجاع ومعاناة المريض، فمن الصعب معرفة مدى معاناته الكبيرة مع المرض، إلا إذا كنا جزءًا منه.. إن ما يخفف آلام المريض والعبء عن أسرته خلال فترة العلاج هو توفير الرعاية والعناية الصحية التي تساعد المريض على قهر المرض، ولكن عندما لا تقدم المستشفيات الحكومية والتي هي في متناول جميع المواطنين الخدمات الصحية المرجوّة منها، وتعاني من تدنٍ واضح في مستوى الأداء، ناهيك عن الإهمال والتسيّب والنقص في الأدوية وغياب الصيانة والتقنيات الحديثة، تجعل مريضها يكابد الأمرّين ويتضاعف ألمه إلى جانب أوجاع المرض المعتادة. كثرت في الآونة الأخيرة شكاوى المواطنين حول تدهور الخدمات الصحية بالذات في مستشفى الجمهورية التعليمي م/ عدن، والذي بدأ يعد العدة حالياً لتحويله إلى هيئة تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء بتاريخ 17 نوفمبر 2008م، هذا المستشفى من أقدم المستشفيات في اليمن وأصبح اليوم بحالة يُرثى لها، إلا أنه لا يزال صامداً ويستقبل المرضى الوافدين إليه من مختلف محافظات الجمهورية خاصةً الأسر الفقيرة التي لا تمتلك الإمكانات المادية للعلاج في المستشفيات الخاصة، إلاّ أن أحوال المستشفى لا تُسر، ويشكو من نقص كبير في الخدمات وبدلاً من أن ينعم المريض بالراحة والعافية، ينشغل في التفكير في كيفية توفير المال الكافي لكي يدفع تكاليف علاجه مروراً بإجراء العملية وانتهاءً بشراء الأدوية والإبر والمغذيات وإجراء الفحوصات والأشعة اللازمة والتي من المفترض أن يحصل عليها المريض بالمجان، بينما المستشفى لا يوفر للمريض أكثر من مجرد سرير متهالك وبضعة لقيمات، وهذا أيضاً لا ينطبق على قسم الطوارئ الذي يعاني من نقص واضح في عدد الأسِرَّة، ويرقد بعض من مرضاه على الأرض. ومنذ سنوات طويلة لم يتغير مستوى الخدمات في مستشفى الجمهورية التعليمي، إنما ازدادت الأوضاع سوءاً عن السابق، والكثير من الأجهزة والمعدات المتواجدة بالمستشفى قد عفى عنها الزمن والبعض الآخر يحتاج إلى صيانة مستمرة، ناهيك عن الرعاية الصحية الرديئة سواء كان في قصور الكادر التمريضي والتعامل اللاإنساني مع المرضى أو من طاقم الأطباء المتخصصين وغيابهم المستمر عن متابعة حالة مرضاهم دون رقيب أو حسيب، أما عن النظافة فحدث ولا حرج فقد أصبحت الصراصير تقاسم المرضى غرفهم ومغاسل المياه باتت مرتعاً للأوساخ. على ما يبدو أن المستشفى يعاني من أعباء شديدة بسبب الافتقار لوسائل العمل ويعجز عن استيعاب الحالات المرضية المتزايدة، وبالتالي يزداد الضغط على المواطن البسيط الذي هو بحاجة ماسة إلى الخدمات الصحية النوعية، ولا نعلم ما هي الأسباب وراء ذلك حتى نلتمس العذر للمستشفى عن التقصير الحاصل في أداء واجبه، ونتمنى أن تشغل المشكلة الصحية بال المسؤولين في وزارة الصحة العامة والسكان وتُحل مثل هذه الإشكاليات التي تتعلق بحياة المواطنين. [email protected]