قد يتساءل المرء حول العلاقة بين أدب الواقعية السحرية والسرديات العربية المعاصرة، وقد لاحظت مثل هذا التساؤل في إحدى المنتديات الثقافية العربية التي شاركت فيها وتعمّدت فيها قراءة الرواية العربية المعاصرة من خلال نموذج ينتمي للواقعية السحرية وهو نموذج الروائي الكولمبي جابرييل جاسيا ماركيز. كان اختياري للتيار الروائي العالمي الذي تجسّد فيما سمي بأدب الواقعية السحرية له علاقة بالتداعي الكبير للرواية العربية المعاصرة مع غرائبية ومعقول اللامعقول في هذا الأدب وهو أمر عكس ويعكس ضمناً تأثرنا بالآداب السردية الإنسانية والأوروبية منها على وجه الخصوص، غير أن ثقافة البيان السردي المقرون بأدب أمريكا اللاتينية بدا لي منذ أول وهلة أنه قريب من عوالم العرب التاريخية والوجودية ولعل جسر الوجدان والعلاقات الثقافية التاريخية بين الإسبانيولية وذروة الثقافة العربية الأندلسية بدت شاخصة لدى ماركيز وآمادو وإليزابيث أليندي وآخرين، كما أن التشابه العجيب في الحالة السياسية وأنماط البنى السلطانية التي تكاد أن تصبح نموذجاً فولكلورياً يميز بلدان العرب وأمريكا اللاتينية كان لافتاً في أفق التشابه الدلالي في الخطاب الخادش لحياء الظواهر المتسترة بأوراق التوت الواهية، وقد كان ماركيز أكبر المكاشفين، الفاضحين لهذه الحقائق، ولهذا كان من البديهي أن ينخطف السارد العربي بأدبه سواء على المستوى الواقعي، أو الغرائبي. ما قصدته هو محاولة قراءة السرد العربي المعاصر من خلال التماهي غير الحيوي مع هذا النموذج، أي تقديم مقاربة تومئ ضمناً إلى حالة التتبع الاستطرادي حد الانخطاف مما يجعل بعض تلك المحاولات للتقليد مجرد فاجعة فنية لأنها لم تتمثّل بل تماهت تماهياً سلبياً، ومثل هذا الأمر ليس حكراً على نموذج الواقعية السحرية بل يحضر بسخاء في الآداب الشعرية والفنون التشكيلية والنقد.