مساء الخميس الماضي استقبل اليمنيون بسرور وارتياح كبيرين خبر قرار وقف العمليات العسكرية في المحور الشمالي الغربي بعد إعلان المتمردين الحوثيين الالتزام بتنفيذ الشروط الستة التي أعلنتها اللجنة الأمنية العليا كشرط لإيقاف العمليات العسكرية، والموافقة على الآلية التنفيذية لتلك النقاط،. وللبدء بتنفيذها تم تشكيل لجنة وطنية من مجلسي النواب والشورى للقيام بالنزول الميداني إلى كافة المناطق للإشراف على تنفيذ النقاط الست وإحلال الأمن والسلام في عموم المنطقة الشمالية الغربية، وعودة النازحين إلى قراهم ومنازلهم ومزارعهم، وإعادة إعمار ما خلفته فتنة التمرد، وتحقيق المصالحة الوطنية. قرار وقف العمليات العسكرية انطلق من حرص القيادة السياسية الحكيمة بزعامة فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية على حقن الدماء وإحلال السلام ومعالجة كافة الآثار التي خلّفتها فتنة التمرد التي أشعلها الحوثي في صعدة. فالحرب التي دارت رحاها في مناطق محافظة صعدة وحرف سفيان حصدت المئات من القتلى، وخلّفت المئات من الجرحى، وتسببت في نزوح آلاف المواطنين من قراهم، وألحقت أضراراً كبيرة بالعملية التنموية، وكبّدت الخزينة العامة خسائر كبيرة. فقد كانت مأساة حقيقية للشعب اليمني طوال الأربع السنوات الماضية، وكنا كلما توقفت الحرب في المرة الأولى والثانية وحتى الخامسة نستبشر خيراً، لكننا في كل مرة كنا نصطدم بعد إيقاف العمليات العسكرية بعدم التزام المتمردين وعودتهم لارتكاب جرائم القتل والتخريب ومقاومة الدولة، وهو ما أوصل دورات الحرب إلى ست مرات، حيث كان المتمردون يستغلون تسامح الدولة معهم في كل مرة فيعاودون إشعال نار الفتنة والحرب من جديد، ولكن هذه المرة لدينا إحساس كبير أن هذه الحرب هي الأخيرة، ولن تتكرر إن شاء الله مرة أخرى. كما أن وقف العمليات العسكرية من قبل الدولة وقبول الحوثي بالنقاط الست التي أعلنتها اللجنة الأمنية العليا؛ والتزامه بتنفيذها كاملة تعد الفرصة الأخيرة أمام عناصر فتنة التمرد للعودة إلى جادة الصواب بعد أن تأكد لها أنها لم تحقق أي شيء يُذكر من إشعالها للفتنة وإعلانها التمرد على الدولة، وإنما تسببت في إزهاق الكثير من الأرواح والكثير من الخراب والدمار والأضرار التي لحقت بهم أولاً وأهاليهم وأبناء محافظة صعدة وحرف سفيان بصفة خاصة وفي حق وطنهم وأبناء شعبهم بشكل عام. هذه المرة لدينا إحساس مفعم بالأمل الكبير أن صفحة الحروب سيتم طيها لكون الست النقاط استوعبت الكثير من الضمانات التي تحول دون العودة إلى مربعات الحرب مرة أخرى. قرار وقف الحرب والبدء بتنفيذ ما تضمنته النقاط الست هو في الأول والأخير يصب في مصلحة اليمن عامة ومصلحة أبناء محافظة صعدة خاصة وكذلك المتمردين أنفسهم، فلا يمكن أن يظلوا في مواجهة الدولة حتى يفنون جميعاً، ولا يمكن أن يستمروا إلى ما لا نهاية مشردين في الجبال والكهوف بعيدين عن أبنائهم وأسرهم وأهلهم، وما نأمله فعلاً هو أن يكونوا قد استوعبوا الدرس تماماً، وأدركوا أن ما قاموا به وانساقوا وراءه كان خطأً فادحاً في حق وطنهم وشعبهم. دعونا نتطلع إلى غد أفضل ومستقبل مشرق بعيداً عن دورات العنف وسفك الدماء.. دعونا نعيش في أمن وسلام واستقرار.. دعونا نبني وطناً أجمل لأبنائنا وأحفادنا.. تخلّوا عن أوهامكم وأحلامكم وخيالاتكم المريضة ودعواتكم الهدامة (الطائفية والمذهبية والمناطقية والشطرية). نعم .. أيها الإرهابيون والمخربون والانفصاليون؛ دعونا نعيش في وئام ومحبة وسلام بعيداً عن الأفكار السوداوية المعششة في عقولكم، وبعيداً عن مؤامراتكم وأعمالكم الإجرامية. تعالوا إلى كلمة سواء، عودوا إلى جادة الصواب.. تعالوا نضع أيدينا في أيدي بعضنا ونسير معاً في طريق الصواب نبني وطناً ونعمره ونعمل على تقدمه وازدهار.