يستمرئ البعض من رؤساء تحرير الصحف “المستقلة” وتحديداً تلك التي تسير في ركاب “المعارضة” إن لم نقل “المقاولة” معها، أساليب لا أخلاقية عند نشرهم لما يوافيهم به المراسلون الصحفيون في محافظات لحج وأبين والضالع على سبيل المثال من أحداث تدور في بعض مديرياتها تحت ما يسمى ب«الحراك السلمي» فيعمدون إلى إعادة طبخ ما يصلهم، ونشره وفق أهوائهم ومراميهم، وهم يعلمون جيداً أن هذا «الحراك» لم يعد سلمياً بعد أن خرج عن طوره وانفلت من عقاله، فانقلب إلى عنف وفوضى وتخريب. فإلى وقت قريب، كنت أنحي باللائمة على مراسلي هذه الصحف في تلك المحافظات، وآخذ عليهم نزوعهم إلى تضخيم الأحداث، وقلب الحقائق، وغياب الشعور بالمسئولية، وتذبذب الموقف السياسي الأخلاقي، وغيرها مما يتعارض مع “العناصر الفضلى” التي دعا إليها الصحافي البريطاني المشهور”أوريل كيبل” كل المراسلين الصحفيين ونصحهم بمراعاتها أثناء كتابة تقاريرهم الإخبارية للصحف. غير أني بتتبع مهني، طوال العام الماضي, لما كان ينشر في الصحف، المشار إليها آنفاً، للمراسلين وبمقارنة لما تنشره لهم هذه الصحف من أخبار وتقارير، مع ما تنشره لهم صحف أخرى يتزامن موعد صدورها مع صدور الصحف التي يراسلونها خصيصاً، توصلت إلى حقيقة مفادها أن البعض من هؤلاء المراسلين يقعون ضحية العقليات المغايرة لرؤساء تحرير صحفهم، والتي تتماشى مع عقليات ومرامي الأقطاب التي تسير في ركابها أو تقاول معها، والتي ترى بدورها مصلحة خفية في مخرجات هذا الحراك وتصاعده،فتنشر أي الصحف تقارير مراسليها “مطبوخة” وفق أهواء هؤلاء وأولئك،مما يقع البعض منهم أي المراسلين تحت طائلة المساءلة القانونية فيما يتعلق بمحظورات النشر. وتعود طرائق تفكير رؤساء هذه الصحف إلى تأثرهم بالمدرسة الأمريكية، وأحياناً البريطانية، التي بدورها لا تزال، في معظمها متأثرة بمدرسة «هنري لوس» القديمة، والذي كان يعرف بأحد أقوى الرجال الذين عرفتهم الصحافة في العالم،وهو الذي أسس وامتلك صحفاً ومجلات مثل «تايم» و«لايف» و«فروتشن» والذي قال عنه صديقه الكاتب الأمريكي المشهور «تيودور هوايت» :«إن حرية الصحافة عنده: أن مراسله حر في إرسال ما يريد، وهو حر في نشر ما يريد وكما يريد» بمعنى من حق هذا «الجهبذ» أن يتلقى أحسن «الخامات» ومن حقه بعد ذلك أن يطبخها كما يشاء، وفي الأخير يحملها ضحاياه من المراسلين السذج. وأخلص إلى القول إن هؤلاء الأشاوس رؤساء تحرير الصحف التي عنيناها آنفاً ، على الرغم من إدراكهم إن أساليبهم اللا أخلاقية في اسناد الحالمين بوحل الانفصال والخارجين عن النظام والقانون ارضاء لمن يقاولون بصحفهم معهم فيحرفون ويطبخون ما يوافيهم من (المراسلين والمساهمين من اخبار وتقارير، تضر بالوطن وأمن وسكينة المجتمع ، كما تضر بهؤلاء المراسلين، إلا إن ما يهمهم هو الكسب السريع والاثراء والشهرة الزائفة، ولو على حساب الوطن وأخلاقيات المهنة، وهذه أتعس طرائق تفكيرهم السقيم، عندما يصبح البعض من المراسلين ضحايا لهذه العقليات. قال الشاعر: مهلاً بني عمنا مهلاً لا تبنشوا بيننا ما كان مدفونا لاتطمعوا أن تهينونا ونكرمكم وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا (الفضل بن العباس)