أعتقد أن الذين يصرون على إطلاق الشعارات العدوانية والهمجية على وحدة الشعب لايفكرون بعقولهم ولايقدرون حجم الخطر الذي يجلبونه للبلاد والعباد بدعواتهم العنصرية, بل إن هؤلاء النفر الذين جلبوا على أنفسهم سخط الله وسخط الشعب لايعرفون إلا المادة المحسوسة والملموسة لأنفسهم هم دون غيرهم. ولذلك ليس مهماً من وجهة نظرهم أن تغرق السفينة بمن فيها طالما تحققت مصالحهم الآنية والشخصية وامتلأت جيوبهم بالمال، فهم لايفكرون في وطن ولا في مستقبل الأجيال, ولم تعد تهمهم قضية الهوية الوطنية فقد باعوها بثمن بخس في أسواق المزاد العلني, نتيجة لهذا السلوك غير السوي ابتدعوا أعمالاً عدوانية غاية في الخطورة في سبيل الوصول إلى غايتهم المتمثلة في جمع المال، فالقتل والاغتيالات والغدر والخيانة والتخريب وسائلهم لتحقيق غايتهم. إن سلوكاً كهذا يعد عملاً إجرامياً لا تقره أعراف ولاأديان ولا قوانين, بل إن ذلك السلوك الشيطاني يعبر عن انحراف خطير في ذهنيات السائرين في هذا الاتجاه ويعطي تأكيداً نفسياً أن هذه العناصر لم تعد تؤمن بقيم وأخلاقيات المجتمع بقدر ما تحمل حقداً وغيظاً ضد المجتمع وتسعى للانتقام منه بأية وسيلة, وهو مايجعل بعض المحللين السياسيين يطرحون نظرية استخدام القوة من أجل الانتقام من الشعوب التي سحبت الثقة ممن استغلوها استغلالاً بشعاً ضد الإنسانية. بمعنى أن هذه العناصر التي تجنح للعنف وترفع السلاح في وجه المواطن لإرغامه على فعل يضر بمصالحه اليومية لاتمتلك مشروعاً إنسانياً حضارياً، وأن حب الانتقام والرغبة الجامحة في فرض هوى النفس الشريرة هو مشروع تلك العناصر الحاقدة, بل إن هذه العناصر عندما ترفع السلاح في وجه العدالة التي تحمي السلم الاجتماعي إنما تعبر عن حالة الإفلاس والنزوات العدوانية. ولئن كانت عناصر التخريب والتدمير قد أفصحت عن مشروعها الذي تريد أن تفرضه على الشعب بقوة الحديد والنار, وهو الرغبة المطلقة في الانتقام من الشعب والعودة إلى عهد الاستعباد وسحل الشرفاء من الناس, فإن على العناصر التي مازالت تقف في المنطقة الرمادية وهي الأغلبية الصامتة أن تدرك بأن مايسمى «بالحراك» لايمتلك مشروعاً حضارياً إنسانياً بقدر مايقدم الدمار والهلاك للشعب, الأمر الذي يحتم على تلك الأغلبية أن تخرج من صمتها وتدافع عن نفسها ومستقبلها، لأن الساكت على الحق كما يقال شيطان أخرس.. فهل حان الوقت للخروج من ذلك الصمت والدفاع عن شرعية وجود الأغلبية الصامتة أم أنها تريد أن تضحي بمستقبلها إرضاءً للشيطان؟ نأمل أن تدرك تلك الأغلبية الأخطار التي تهدد مستقبلها بإذن الله.