من المعروف أن العقل لا يقبل العبث ويرفض السفه، وإذا كان الوضع الطبيعي للإنسان هو سعيه إلى كل ماهو إيجابي، ولا يمكن أن يقبل بأي شكل من الأشكال بالغوغائية والفوضوية، فلماذا يقبل البعض بهذه الأساليب غير السوية التي تعتمد على المناطقية والعنصرية؟ هل لأن مثل تلك العناصر تشعر بالنقص وتستكثر على نفسها أن تكبر، ولاتقبل بالشموخ والعزة أم أن الطبع غلب التطبّع ؟ ولماذا يصر ذلك البعض على فرض مايعانيه، من مرض الشعور بالنقص وعدم الرغبة في الاعتزاز بالوحدة ، على السواد الأعظم من أبناء الشعب الذين ناضلوا من أجل عزة اليمن وشموخه ووحدته ؟ ثم ألا يدرك ذلك البعض المريض أن اليمن الطاهر لايقبل الخبث وأن تاريخه الطويل قد أعطى دروساً مريرة وقاسية لكل من يحاول العبث بوحدة اليمن واستقراره ؟ وأن التاريخ قد خلّد الشامخين وسجل لهم أنصع صفحات المجد والخلود، لأنهم أصحاب مشاريع استراتيجية تتفق مع الفطرة ومع منطق العقل ومتطلبات التطور والنمو، أما أولئك المأزومون أصحاب العاهات المستديمة والأمراض المستعصية فهم في مزبلة التاريخ لا يذكرهم على سبيل العزة والقوة، ولكن على سبيل ضرب أسوأ المثل في تاريخ البشرية باعتبارهم أصحاب مشاريع صغيرة تحقر الشعوب وتقزمها وتقلل من أهمية الإرادة الكلية التواقة إلى الأرقى والأعظم باعتبار الإنسان خليفة الله في الأرض يسعى إلى إعمارها وتوحيد أجزائها. ولئن كان من متطلبات الاستخلاف التوحد والالتزام بأمر الله تعالى في إعمار الأرض وتوحيد البشر فإن كافة الرسالات السماوية التي كان خاتمها محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم) قد جاءت من أجل ذلك، ولننظر إلى قول الخالق جل وعلا في محكم كتابه العزيز حيث قال : ( هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولايزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتاً ولايزيد الكافرين كفرهم إلا خساراً) صدق الله العظيم. فهل أدرك الساعون إلى إعاقة عجلة التنمية وإعمار الأرض أن الله تعالى لن يزيدهم إلا مقتاً وخساراً مبيناً لأن مشروعهم التجزيئي القروي الفئوي يتعارض مع إرادة الخالق جل وعلا ؟ وهل من عودة إلى جادة الصواب بعد ذلك الاستيعاب والإدراك.. نأمل ذلك بإذن الله