تصوروا عندما يبالغ المتحدث فيما يطرحه وعندما يزايد ويكايد ويكابر ويصر على قلب الحقائق ويتعمد الإساءة ويتجرد من الموضوعية ويتجنى على مبادىء الحرية ويُشنّع بالمهنية ويسفّه العقل ويحتقر عقلية المتلقي ويدعي امتلاك الحقيقة، ويزعم أن مايطرحه هو عين الحقيقة وماهو مشاهد على الأرض من الوقائع الحية ليس حقيقة وأن الحقيقة التي فرضها على المتلقي هي مايقوله ويفعله هو دون غيره، بعد ذلك كله كيف لعاقل أن يصدق مايقوله ذلك المتحدث؟ نعم.. لم أقل ذلك كله لمجرد الاستهلاك وملء الفراغ، لكني قلت ذلك من واقع لكم أن تتابعوه وتطلبوه للمشاهدة ثم عليكم بعد ذلك إما الاتفاق مع ما طرحته أو غير ذلك، ولن يضيق صدري من النقد الموضوعي الأمين. الواقع أن إحدى القنوات دعتني للمشاركة في ندوة إعلامية فمنعني عن حضور هذه الفعالية العديد من التزاماتي العملية فجاءت الفرصة لمشاهدة إعادة لهذه الندوة فإذا بتلك القناة قد استضافت ثلاث شخصيات إعلامية، فأخذ هذا الثلاثي النكد بُعداً خطيراً في جلد الذات وابتعد كلية عن الموضوعية والحيادية ولم يطرح كلمة واحدة يمكن أن يقال عنها نقد بناء وموضوعي وأمين، بل إن المتحدثين الثلاثة ورابعهم المذيع كأنهم لايخاطبون القاطنين في الأرض التي باتت كأنها قرية يعلمون بما يدور فيها، بل يخاطبون قاطنين على كوكب آخر ويقولون هذه هي الحقيقة في اليمن. ولكي لا أعكّر عليكم هدوءكم وصفوكم فسأشير إلى واحدة من تلك المغالطات عندما سأل المحاور وهو الشخص الرابع، وماذا نقول عن اكتشاف كمية السلاح الذي عثر عليه في منزل رئيس التحرير الذي تجاوز سبعين قطعة؟ فكان الجواب المضحك المبكي الذي يعبّر بصدق على أن أولئك يسيئون إلى حرية الصحافة ويعبثون بالمهنة ويستخدمون الحرية من أجل الإساءة إلى الوطن والنكاية بالمواطنين، فقد رد أحدهم ببرود عجيب بالقول بأن تلك الأسلحة هي خاصة بحراس رئيس التحرير، ولكم أن تتصوروا درجة الإسفاف والكيد وقلب الحقائق فهل يعقل أن يرافق رئيس تحرير صحيفة أكثر من سبعين مرافقاً أم أن ذلك الموقع قد تحول إلى ثكنة عسكرية تريد المساس بالأمن والاستقرار؟! ومن خلال هذه الاشارة بإمكان القارىء الكريم أن يدرك فحوى تلك الندوة واتجاه تلك القناة. هكذا يفقد الصحفي مصداقيته ويعتدي على المهنة ويسيئ إلى الحرية ويُشنّع بوطنه ويجلد ذاته، وفوق ذلك يتخيل أنه بطل عندما يسيئ إلى كل الثوابت باسم حرية الصحافة، وكذلك تفقد المعارضة مصداقيتها عندما لاتقول الحق وتتعدى على الثوابت الوطنية وتعرّض البلاد والعباد للخطر الخارجي وتسيئ استخدام الحرية وتعبث بمفاهيم الديمقراطية، ومع ذلك كله نجدها تتباكى على الحرية وهي من تقتلها وتنتحب على الديمقراطية وهي من تسيئ إلى مفاهيمها وتعبث بقيمها ومبادئها، فهل يعوء هؤلاء إلى رشدهم؟ نأمل أن يقولوا الحق ويحترموا الدستور والقانون بإذن الله.