يظل الحوار أساس الحياة اليومية ولايضيق منه إلا من لديه أمراض نفسية ومن رفع عنه القلم وغير القادر على التمييز و لأن الحوار لايتم إلا بين العقلاء الذين يتمتعون بالأهلية ,ومادام الإنسان الذي خلقه الله تعالى مخيراً ووهب له العقل الذي يميز به بين الخير والشر فإنه مكلف بالحوار مع غيره من بني البشر. وجاءت الآيات القرآنية تؤكد على الحوار ,والأكثر من ذلك كله أن الخالق جل وعلا قد تحاور مع ابليس الذي تكبر على غيره من المخلوقات وهو الإنسان و فعندما امره الله تعالى بالسجود لآدم عليه السلام تكبر وتجبر واعتبر ابليس نفسه أفضل من آدم عليه السلام فحلت عليه لعنة الله تعالى إلى يوم الدين. وبناء عليه فالحوار واجب ديني لست في موقع التأصيل له فإن الباحثين والمفكرين قد اشعبوه بحثاً ,كما أن تاريخنا السياسي في اليمن مليء بالأمثلة ,بل إن الحضارة اليمنية القديمة ما ازدهرت إلا في ظل الحوار ,وقد جاء ديننا الإسلامي الحنيف مؤيداً لكل قيم الخير والسلام. ولئن كانت اليمن قد شهدت فترات صراع فإن ذلك الصراع المسلح كان نتيجة لعدم القبول بالحوار من طرف غلب عليه الكبر وعدم الإيمان بالسنن الكونية وشعوره بأنه يملك الحقيقة وما لدى غيره لايمثل الحقيقة ,وعندما يسيطر هذا الادعاء على فئة داخل المجتمع تظهر عملية الصراع ,وتظهر مطالبة المجتمع بضرورة ردع الفئة الباغية التي لاتنصاع إلى الصواب ولاتقبل بالآخرين وتخرج على الإرادة الكلية للمجتمع ,الأمر الذي يجعل المجتمع يأخذ كل الاحتياطات ويستخدم كل الوسائل مع هذه الفئة المنحرفة ابتداءً بالحوار وانتهاءً بالقوة. إن الحوار قيمة دينية واجبة التطبيق وقيمة حضارية إذا سارت في المجتمع سيطر الأمن والاستقرار وشهد المجتمع ازدهاراً في مختلف المجالات ,ولذلك نجد أن اليمنيين مهما اختلفوا في مختلف مراحل حياتهم السياسية القديمة والمعاصرة فإن الحوار وسيلتهم من أجل الوصول إلى الوئام والتعايش والقبول بالآخر ,ولايشذ عن الحوار إلا من غلبت عليه شقوته وقادته إلى الشيطان ,وهذا الشاذ ليس له من طريق إلى النجاة إلا القبول بالحوار والعودة إلى جادة الصواب أما في حال استمراره على كبره وعنته وتصلفه وخروجه على الإرادة الكلية للدولة فإن مقاتلته واجب شرعي من أجل حماية وحدة الدولة وصون السلم الاجتماعي ,فهل نرى صوتاً عاقلاً لدى أولئك الذين يشذون عن الحوار؟ إن أملنا كبير في العقلاء والنبلاء الذين يتمتعون بكمال العقل والحكمة من أجل خير اليمن وسعادة اليمنيين بإذن الله.