استوقفني أحد التقارير الذي نُشر مؤخراً عن عدد ضحايا الأسلحة النارية والبيضاء في اليمن خلال العام الماضي ، بالطبع كان الرقم عالياً جداً ، لكن في المقابل هناك سؤال يطرح نفسه وهو : هل عجز البرلمان عن إصدار قانون لحيازة وتنظيم حمل السلاح الناري وتطبيقه على أرض الواقع أم ماهي الأسباب التي تحول دون إصداره ؟ نحن بحاجة إلى الشفافية والوضوح في هذا الأمر، أما أن تتم بين الحين والآخر حملات تفتيشية دون وجود قانون ينظم هذا الأمر فهذا غير كافٍ. صحيح أن هناك من يمتلك سلاحاً ، لكن لماذا لا يظل هذا السلاح حبيس الأدراج في المنازل واقتصار استخدامه فقط في حال الدفاع عن النفس ، ولماذا يُصر البعض على حمل السلاح في المدن وكأن لسان حاله يقول “ أنا لست رجلاً إلا بالسلاح“ بصراحة تخجلنا الكثير من المناظر التي نُشاهدها جميعاً في بعض الدوائر الحكومية والمنشآت الحيوية كالجامعات والمستشفيات والمساجد حين نرى أُناساً مدنيين يجولون بالسلاح وكأننا في حالة حرب دون أدنى احترام لتلك الأماكن وقدسيتها ، فلماذا لا تتم معاقبة هؤلاء الناس الذين يسيئون إلى اليمن بطريقة أو بأخرى ؟ إن هذا الموضوع لا يقتصر على قضية حمل السلاح فقط وإنما له أبعاد خطيرة ذات تأثير على المدى القريب والبعيد ، فنشأة الطفل في مجتمع يفخر فيه البعض بحمل السلاح برأيكم ماذا يمكن أن نغرس لدى الطفل من ثقافة ؟ من وجهة نظري الشخصية أن الطفل سيتأثر بالتأكيد بكل ما يدور حوله من مظاهر، كما لا أخفي بأن هناك بعضاً ممن يعتقدون بأن هيبتهم لا تكون إلا بحشد عشرين إلى ثلاثين شخصاً مسلحاً كمرافقين خلفهم وهم يجولون في الأسواق والأماكن العامة. بصراحة أستغرب من هذا الأمر ، وأستغرب أيضاً مما يعانونه من فراغ في عقلياتهم التي لا تعرف سوى ثقافة السلاح. إن الزائر أو السائح الذي يأتي إلى بلادنا في بعض الأوقات حينما يشاهد سلاحاً محمولاً على أكتاف المدنيين يشعر وكأن هناك شيئاً ما قد حدث في البلد ، مما يجعله في قلق وخوف مستمرين أثناء تواجده في اليمن ، وهذا بالتأكيد يؤثر سلباً على أحد أهم مصادر الاقتصاد الوطني (السياحة) والذي إلى الآن لم يتم استغلاله الاستغلال الأمثل لهذا السبب ولأسباب أخرى كالإرهاب. ولأن الأمر أصبح ضرورةً ملحة تفرض على كل المعنيين سرعة إصدار القانون الذي ينظم عملية حيازة وحمل السلاح حفاظاً على أرواح الناس ، نتمنى ألا يتأخر إصداره كي لا نرى أرقاماً مماثلة للأرقام التي شاهدناها في التقرير الذي صدر مؤخراً.