" أن تشعل شمعة خير لك من أن تلعن الظلام ألف مرة ".. هذا القول انطبق تماماً على المسعى والمبادرة الوطنية والإنسانية التي تبنتها الجمعية الوطنية المساندة للمؤسسات التربوية والصحية في محافظة حضرموت ومؤسسة العون للتنمية من خلال تنفيذهما برنامجاً أطلقوا عليه " شباب أمل" وهو مشروع وطني وإنساني بالغ التأثير في المجتمع لاسيما وأنه استهدف شريحة من الطلاب والشباب الواعدين الذين تعثرت بهم السبل من الالتحاق بمواصلة تعليمهم الجامعي لعدم تمكنهم من تحقيق نسب درجات القبول في مقاعد الدراسة في الجامعة .جاء هذا المشروع بمثابة فكرة إبداعية لا تقتصر فقط على تدريب وتأهيل الطلاب ورفع مقدراتهم ومهاراتهم ومعارفهم الحياتية فحسب بل تتجاوز ذلك إلى الأخذ بأيدي "الشباب المستهدفين" ليكونوا أصحاب مشروعات خاصة بهم يعتمدون على ذواتهم في كسب الرزق الحلال والعيش الكريم الذي يحقق لهم الاستقرار المعيشي والنفسي لخدمة أنفسهم وأسرهم وبناء مجتمعاتهم . ولهذا فإننا نجد بأن هذا البرنامج الذي استهدف في تجربته الأولى التي تم تنفيذها في مديرية مدينة المكلا على مدى عام واستفاد منه نحو (79) طالباً من متخرجي الثانوية العامة الذين لم تؤهلهم نسبة نجاحهم للالتحاق بالدراسة الجامعية، هذا البرنامج قد لامس شيئاً من أهدافه الطموحة وخاصة في منح أولئك الطلاب الملتحقين بالبرنامج فرصاً للحصول على خبرة تعليمية وتدريبية وتقنية ومهنية تساعدهم على الانخراط في سوق العمل والشروع في تأسيس مشروعاتهم الخاصة التي تبعد عنهم شبح البطالة وتغرس في أنفسهم الثقة, وتعزز من قدراتهم للانطلاق في طريق آمن بثبات لرسم لوحة جميلة لأيامهم القادمة والأخذ بهم بعيداً عن دومات الفراغ الذي يمكن أن يؤدي بهم إلى مزالق وانحرافات خلقية وسلوكية تعصف بهم وبمستقبلهم. وللتأكيد على جدوى ومنفعة وقيمة هذا المشروع وفي إطار الحصول على المعرفة بأبعادها الثلاثة: الثقافة والتعليم والمعلوماتية جاء تصميم برنامج "شباب أمل" ليشمل أربع دورات متكاملة, دورتان منها تكوينية تعليمية ومعلوماتية, وهي نيل الدبلوم المتوسط في اللغة الانجليزية ونيل دبلوم الرخصة الدولية في الحاسوب ودورتان ثقافية وتقنية وتتمثل في دورة ثقافة المشروع الخاص وأخرى تقنية مهنية في جوانب صيانة الحاسوب والجوال والتمديدات الكهربائية والتكييف والتبريد والمونتاج والفيديو . وماذا بعد هذا النجاح الذي حققه هذا البرنامج الذي يقول منظموه ومنفذوه بأنها نسبة عالية تعكس أهمية وجدوى تنفيذ مثل هذه المشاريع بما تسهم به وتبعثه من الأمل في نفوس الشباب من خلال امتلاكهم حرفة ومهنة تساعدهم على الاندماج في سوق العمل وتحسن من وضعهم الحياتي والمعيشي وتقيهم من شرور الضياع والإحباط وجور البطالة والفقر والعوز ينبغي مواصلة هذا المشوار, وفي الأفق ثمة مبادرات أخرى تسعى لمواصلتها عدد من مؤسسات النفع الاجتماعي في حضرموت ..فالمسؤولية بطبيعة الحال أكبر وأعم فالشباب هم أمل هذه الأمة وبناة مستقبل الوطن وسر نهضته ويتوجب أن تشترك وتتكاتف مختلف الجهود الرسمية والشعبية في وضع البرامج والخطط الكفيلة بالنهوض بهذا القطاع المهم وجعله قادراً على القيام بدوره وواجباته في بناء المجتمع والمساهمة الحقيقية في رفع شأنه وتنميته. فالمحبطات والتحديات التي تواجه شبابنا كثيرة ومتشعبة وخاصة في جانب اقتحامهم سوق العمل وتوفير سبل معيشة ميسرة لهم, و لابد من التحرك والعمل الجاد في اتجاه كسر هذا الحاجز وتغيير الثقافة السائدة بين شبابنا وخاصة في نشر ثقافة المشروع الخاص وتعزيز الثقة بالنفس وخلق أجواء من الإيجابية بين أوساطهم ومحيطهم الأسري وتمكينهم من امتلاك الأدوات والوسائل التي تعينهم في مشاريعهم الشخصية، وسياسة الدولة والحكومة كما هو معلوم تتجه في جانب التعليم بإعطاء المزيد من الاهتمام بالتعليم التقني والمهني بوصفه القادر والمؤهل على إعداد الكوادر الوسطية الماهرة التي تستطيع أن تشق طريقها في سوق العمل وأن يتم استيعاب طاقاتها ومقدراتها في عملية التطوير والبناء, ومن المفيد أن تفتح كل السبل والأبواب أمام طاقات الشباب ومنحهم المزيد من الرعاية بما يمكن أن نجعل منهم جيلاً صالحاً وقوة مؤثرة وفاعلة، جيلاً مزوداً بعلوم العصر ومستخدماً لتقنياته ومتصالحاً مع نفسه ومجتمعه. إننا نتطلع أن تتبع بادرة الجمعية المساندة للتربية والصحة بحضرموت ومؤسسة العون للتنمية خطوات ومبادرات أخرى مماثلة لإكمال الجهد الوطني والإنساني الجميل, فبعد إشهار المتفوقين في هذا البرنامج وبعد أن جمع المبدعون أجندة مشاريعهم الخاصة في ظل شمائل الرعاية والتأهيل والتدريب والتوجيه السليم الذي حظوا به خلال فترة تنفيذ المشروع يتطلب أن تعقبها مراحل عملية أخرى كأن تتبنى مؤسسة العون للتنمية أو إحدى مؤسسات النفع العام مشاريع الشباب وتمكنهم من الولوج إلى سوق العمل والأخذ بأيديهم وإتاحة الفرص أمامهم للاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم التعليمية والمعرفية والتقنية التي اكتسبوها وتحصلوا عليها وهذا ما يسعى إلى تحققه برنامج تأهيل الشباب الخريجين لسوق العمل, ويتوجب في هذا الجانب خلق تكامل مجتمعي والاستفادة من التجارب والخبرات الناجحة في هذه الميادين ومن مختلف محافظات الوطن من أجل الوصول إلى أهداف جميلة وسامية مضمونها زرع الأمل والتفاؤل في نفوس شبابنا ومساعداتهم على مواجهة ظروف وتعقيدات الحياة وقساوة المعيشة.