عندما أتنقل بالسيارة داخل مختلف الأراضي اليمنية أصاب بالحسرة والألم والقهر دفعة واحدة، فالحسرة تأتيني ليست نتيجة مقارنتي لمستوى الطرق في بلادي بالطرق في الدول الأخرى المتشابهة مع وضعنا الاقتصادي، فكلنا سواسية وإنما لأن المخربين من مواطني تلك المناطق والذين هم سلبيون وعلى أعلى مستوى من السلبية أمام منجز لطريق يمر بقريتهم ويسهل تحركاتهم ولا يحافظون عليه من التخريب والتدمير وهو في منطقتهم، فتجد هؤلاء إما صانعي مطبات كيفما شاءوا أو مخربين جزءا من الطريق لعمل مطب كيفما يكون، المهم في النهاية توقف المركبة إجبارياً ولو تفككت قطعة قطعة. هنا الحسرة تأتيني من باب أن عملهم هذا ليس من الوطنية وليس له علاقة بتخفيف سرعة السائقين وكذلك ليس من المنطق صناعة مطب كلما حصل حادث سيارة بسبب السرعة أمام بيتك فالحوادث والسائقون في كل مكان وأظنها ستستمر في كل زمان وليس صواباً معالجة هذا الخلل بخلل أكبر منه. الطرق وجدت لمساعدة المواطنين وليس من المنطق أن يتم عمل مطب أمام كل منزل تمر أمامه الطريق وخصوصاً في القرى البعيدة، والتكسير والحفر وصب الديزل على الطريق ينهيه سريعاً ونكون قد جنينا على أنفسنا، فالأولى أن نعلم أبناءنا الحذر من مستعملي الطريق وليس تدمير وتكسير الطريق.. وكذلك ليس من المنطق أن يصنع كل مواطن لديه بقالة أو كشك على الطريق أو قريب من الطريق مطباً ليجبر المارين على التوقف ليشاهدوا ما لديه من مأكولات أو مشروبات، والحقيقة والمنطق أن يكون هناك مطبات صناعية تنشئها الجهة التي أنشأت الطريق عند بداية كل قرية لتخفيف سرعة سائقي المركبات، حيث تكون تلك المطبات مصنوعة بشكل علمي حديث معروف في كل دول العالم ومن شأنها أن تجبر السائق على تخفيف السرعة وفي نفس الوقت تحافظ على سلامة مركبته فهو مواطن أيضاً يقتات من تلك المركبة وبالتالي يجب علينا جميعا أن نكون حريصين أيضاً على مصلحته مثلما نحن حريصون على مصلحتنا. وينتابني الألم فعلاً أن عدوى التخريب في الطرق اليمنية آخذة في الانتشار لدرجة أنها حرمتنا من فرحة انجاز الطرق ونغّصت علينا علامات السرور، وسيشاهد كل مستعملي الطرق مدى اتساع بذرة التخريب في صناعة المطبات كيفما تكون في الطرق الطويلة الجديدة أو المصانة حديثاً، والدليل في ذلك طريق سيؤن المكلا وكذلك طريق المكلاعدن الساحلي، وكذلك طريق صنعاءالبيضاء بل وأظن أنني في هذه الحالة سأذكر كل الطرق الطويلة.. والألم يشتد هنا عند مقارنة كل تلك الأعمال بشعوب أخرى لا تعرف هذا الأسلوب من التخريب رغم أنها تعاني كغيرها من ضحايا السائقين المتهورين في المدن والقرى، لكن موضة صناعة المطبات والتفنن في أشكالها وأنواعها وأحجامها ليست موجودة إلا في اليمن فهل نحن شعب تعودنا على التخريب؟!. ويأتي دور القهر فيلج من باب الضمير الغائب لدى المواطنين الصانعين لتلك المطبات والمواطنين الميتة ضمائرهم وقلوبهم والقاطنين في تلك القرى فأين هم من ذلك العبث بعد أن صرخوا وطالبوا الدولة سنوات عدة لإنشاء طرق تربط قراهم ببعضها البعض وبعد أن نفذت الدولة وعدها نجدهم سلبيين، حيث يقفون مع من يخرب الطريق بل ونجدهم مساهمين في تخريبه، والأدهى والأمر في كل ذلك أعضاء المجالس المحلية في هذه المناطق لا يحركون ساكناً مع أنهم من المفترض أن يكونوا العين الساهرة لحماية ما أنجزوه من مشاريع في مجتمعاتهم المحلية ومنها هذه الطرق، وتصاب بالغثيان عندما تتذكر أن مدير المديرية أو المحافظ يمر فوق كل تلك المطبات بسيارته ولا تتحرك شعرة من ضميره. أرجو ألا يتصور كل هؤلاء المواطنين وهم كذلك ضحايا تلك المطبات أن ترسل الدولة ووزارة الطرق فرقاً يومية لتطلع على الطرق وتطمئن على سلامتها، لأن المجالس المحلية في المراكز والمديريات بل وكل سكان المحافظة يمثلون دور الرقيب والمحافظ على كل منجز أنجزته الدولة بأموال الشعب، وإذا لم نكن حريصين بالحفاظ على تلك المكتسبات من الطرق وغيرها فلن نحافظ على بلدنا ونصونها من عبث المخربين والقتلة وقطاع الطرق. ليس من المنطق أن ترسل الدولة فرقاً تبحث عمن صنع هذا المطب وخرّب الطريق وهو منا ويعيش بيننا ونحن صامتون لا نوقفه ولا نردعه، فهذا الدور هو ما يفترض علينا ممارسته كمواطنين في المناطق والقرى المار بها الطريق، فمن الواجب علينا ردع وإيقاف هذا العبث والتدمير ومحاسبة فاعله، فالطريق للجميع وليس لفرد واحد.