يطل مكتبي في صحيفة الجمهورية على ساحة ملعب الشهداء بتعز. والحقيقة لم أشهدها مزدانة بالفرح الغامر كما أراها هذه الأيام وهي تحتضن لوحات فرح يرسم معالمها الشباب ابتهاجاً بيوم من أسعد أيام الوطن، وبرجل صاغ ملحمة اليمن المعاصر باقتدار وحكمة وهو الرئيس علي عبدالله صالح. هذه الساحة كانت مجرد أرض مسطحة وغير ذات معنى إلا عندما يتنافس الرياضيون في مباريات كرة القدم، اليوم أرى هذه المساحة من الأرض وأصوات الشهداء الذين سقطوا على يد الطاغية الإمام تستيقظ من صمتها؛ وترسم شارة النصر في يوم وحدة الوطن، وتحتفي مع الحاضرين بلوحة الفرح المرسومة على وجه الرئيس علي عبدالله صالح، موحد اليمن، وباني نهضته الحديثة الذي أعاد للشهداء اعتبارهم، وللوطن كرامته، وللإنسان زهوه واقتداره. أرى الشهداء وقد أطلّت من هذه الأرض أجسادهم ليروا معنا هذا المشهد العظيم في لحظة تاريخية، وقد أعادت إلى الذاكرة دلالات هذا المكان من رمزٍ للعبودية والانكسار إلى واحة من الاخضرار والحرية والنماء. أرى الشهداء وقد صرخوا: لك المجد يا وطن وأنت تشعل في دمائنا الراقدة بركان فرح، ونحن نرى أرضنا واحدة، وسماءنا مزدانة بالبهجة، وساحتنا التي سقط على أرضها دمنا، وباتت يانعة بالكبرياء.
لم أرَ ساحة الشهداء المقابلة لمكتبي في الصحيفة كما أراها اليوم وقد سكبت أضواءها بألوان قوس قزح، وهي تغني مواويل وطن، وتردد على مسامعنا قصائد الحب وأغاني الفرح على امتداد الأرض ووجوه الناس الطيبين.
سأتذكر بعد اليوم أن ساحة الشهداء ليست مجرد أرض وإنما أيقونة للعطر، وتعاويذ تبعد المسّ، وتدعو إلى السلام والأمل.
لم تعد هذه الساحة بعد اليوم بالنسبة لي إطلالة على أرض لكرة القدم وإنما كتاب وجريدة ومداد وراية تمجد الوطن.