اتصل بي الأخ محمد الشايع من الرياض وهو يتحدث عن حزمة من الأفكار تتعلق بموضوع مرضى الفشل الكلوي وأهمية التبرع بالأعضاء، وأنه يجب تثقيف الناس على أهمية هذا الأمر لأن فيه حياة للناس، بما فيها أعضاء ممن يودع الحياة بالقصاص، وأن القصاص أريد منه الحياة «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب». وهناك اليوم في المملكة من حوادث الطرق اليومية ما يؤدي إلى موت الدماغ بالعشرات إن لم يكن المئات سنوياً، ويمكن الاستفادة من أعضائهم، ذلك أن الجسد عندما يرجع إلى التراب لا يبقى منه شيء ويصبح الإنسان في النهاية عظاماً وهي رميم، ويروى عن عمر رضي الله عنه أنه حينما حضرته الوفاة لم يرض أن يكفن بثوب كبير باهظ الثمن وقال: الحي أحوج إليه من الميت. فإذا كان القميص ليس للقبر فالأولى في أعضاء الجسد التي يمكن الاستفادة منها في إنقاذ حياة الآخرين، ولقد تطورت تقنية زرع الأعضاء اليوم إلى مستوى لم يخطر على بال، وبعد عام 1967 م استطاع الجراحون أن يزرعوا القلب كما فعل كريستيان برنارد الذي مات منذ فترة قريبة بربو صدري فانتزع القلب من صدر فتاة تعرضت لحادث سيارة يومها وأصيبت بموت الدماغ وقام بزرعه في صدر مريض معتل القلب عاش بعد العملية 18 يوماً فقط، ولكنه فتح الباب لإعادة العملية على قلوب مرضى عاشوا أكثر من نفس الجراح الذي أجرى لهم العملية، ولكل أجل كتاب، واليوم لا يزرع فقط القلب والكليتان بل الكبد والقرنية والمعثكلة، ولن يطول ذلك اليوم الذي يتحول جسم الإنسان مثل تشليح السيارة بمعنى الاستفادة من كل الجسم مثل قطع غيار السيارة، وهذا ليس انتقاصاً من الإنسان أو إهدار كرامته أو اعتباره سيارة ولكنها الفائدة لمرضى متوقفة حياتهم على زرع كبد أو كلية أو قلب وبأعمار مختلفة وعرضت قناة ديسكفري ثلاث حالات عن زرع قلب متكرر عند طفلة وطبيب أسنان وامرأة سوداء فعاش الثلاثة بعد العملية ورجعوا لحياتهم الطبيعية، ويمكن الاستفادة من أي مصدر لزراعة الأعضاء سواء من أصيب بموت الدماغ المؤكد في العناية المشددة أو حتى ممن يحكم بالإعدام. وروت لي امرأة من كندا أنها كتبت في وصيتها أنها في حالة الوفاة يستفاد من جسمها كيفما يريدون، وهناك قانون في هذا الصدد بحيث يكتب الإنسان في وصيته بمنح جسمه متبرعاً بأعضائه، وأذكر في يوم أنني جلست مع عائلة في جنوب المملكة تعرض ابنهم لحادث سيارة مخيف أصيب بعدها بموت الدماغ فحاولت لمس الموضوع وأنه يمكن التبرع بكليتيه لمرضى الفشل الكلوي. نظر القوم في مرتابين وقالوا نفهم الآن لماذا لم تنقذوه؟ فقد خطر في بالهم أننا أهملناه كي نأخذ كليتيه، والجهل لا حدود له ويجب تثقيف الناس ورفع مستوى الوعي عندهم حتى يدركوا ما معنى زراعة الأعضاء، وبالنسبة لي أنا شخصياً فليس عندي مانع أن يستفاد من جسمي حالة الوفاة فيؤخذ منه ما يشاء وأدعو إلى حملة من هذا النوع. فأنا عندما أنزل إلى قبري سأخلع قميص البدن وأقابل ربي بما فعلت وليس بأعضائي من كلية وكبد. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.