في مؤتمر صحفي برعاية محافظ المحافظة الأستاذ حمود خالد الصوفي وبحضور وكيل المحافظة الأستاذ عبد القادر حاتم, أعلنت جامعة تعز قبل عدة أيام استراتيجيتها للأعوام 2010 – 2025م هذه الاستراتيجية التي استمر العمل في إعدادها أكثر من عامين وساهمت في إعدادها وزارة التعليم العالي, خرجت إلى حيز النور برؤية وأهداف استراتيجية طموحة أتمنى أن تحقق الجامعة ولو جزءاً منها على صعيد الواقع العملي خلال الفترة القادمة. وقبل أن أبدأ بمناقشة رؤية ورسالة الجامعة التي تضمنتها هذه الاستراتيجية أتقدم بالشكر الجزيل والتقدير الكبير للأستاذ الدكتور محمد عبد الله الصوفي رئيس الجامعة المشرف على إعداد هذه الاستراتيجية لما يبذله من جهد ملموس في سبيل تطوير الأداء الإداري والأكاديمي في الجامعة, والشكر موصول لفريق العمل المبدع والنشيط في إعداد وصياغة هذه الاستراتيجية وأخص بالذكر أستاذي العزيز الأستاذ الدكتور سلطان المخلافي رئيس دائرة التطوير الأكاديمي في الجامعة. والحقيقة أن مناقشة هذه الاستراتيجية بمختلف مكوناتها وأبعادها يحتاج إلى سلسلة مقالات لكنني فقط سأناقش في هذه المقالة رؤية الجامعة المستقبلية كما وردت في هذه الاستراتيجية وهي: « تتطلع جامعة تعز إلى أن تغدو جامعة تكنولوجية بتقديم الملاءمة في التعليم والوظيفية في البحث والمسارعة في خدمة المجتمع وفقا لأنبل القيم وأعلى مؤشرات الأداء العالمي » هذه الرؤية بمجملها طموحة جداً وتحتاج إلى عقود من الزمن لتجسيدها على أرض الواقع وليس فترة عشر سنوات كافية – من وجهة نظري - خصوصاً فيما يتعلق بأن تصبح جامعة تعز جامعة تكنولوجية وذلك لارتباط هذا الجانب بالعديد من المتغيرات والحقائق المتصلة بالبنية التحتية والإمكانات اللازمة للتحول نحو الجامعة التكنولوجية بما تحمله كلمة “تكنولوجية” من معانٍ وأبعاد ودلالات متعددة..ولم أجد لهذه الكلمة تواجداً في الأهداف والأنشطة التي تضمنتها الاستراتيجية، ولعل الرؤية الأكثر واقعية من وجهة نظري الشخصية للجامعة خلال الفترة القادمة(2010 - 2025م) هي «أن تتطلع جامعة تعز إلى أن تغدو جامعة تطبيقية في تقديم برامجها وخدماتها العلمية والبحثية للمجتمع وفقا لأحدث الأساليب والتطبيقات التكنولوجية ومؤشرات الأداء العالمي». لأن مفهوم الجامعة التكنولوجية من وجهة نظري يعني أن تكون الجامعة بمختلف مكوناتها من كليات وأقسام علمية وبرامج ومقررات وإدارات وأنشطة وأساليب أداء تكنولوجية أو موجهة بالتكنولوجيا الحديثة علماً وممارسة. بمعنى أن كل نشاط أو تخصص في الجامعة يمكن أن يؤدى أو يقدم بأسلوب تكنولوجي وقابل للتطوير ومواكبة أحدث التطبيقات والأساليب التكنولوجية. فهل جامعة تعز بمكوناتها الحالية تجسد هذا المفهوم للجامعة التكنولوجية ؟! كما أن التحول نحو الجامعة التكنولوجية بالمفهوم السابق يتطلب في المقام الأول بنية تحتية تكنولوجية ومعرفية وإنشائية ضخمة على مستوى الجامعة وعلى مستوى الدولة , وهو ما يصعب تحقيقه على المدى القصير أو المتوسط في ظل إمكانات وقدرات الجامعة الحالية وفي ظل الوضع الاقتصادي الراهن على مستوى الدولة. بالإضافة إلى أن هناك العديد من المتطلبات اللازمة للتحول نحو الجامعة الإلكترونية ترتبط معظمها بأجهزة ومؤسسات واستراتيجيات وسياسات خارج إطار الجامعة سواء على مستوى الدولة أو مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص, مما يعني ضرورة التنسيق والتكامل والتعاون المشترك بين الجامعة وهذه المؤسسات والأجهزة لتوفير العديد من متطلبات التحول نحو الجامعة الإلكترونية في المستقبل. ومن جانب آخر يعتبر التحول نحو الجامعة التكنولوجية نوعاً من التغيير الذي يتطلب إعادة هندسة Reengineering لنظم وأساليب وطرق وإجراءات العمل الحالية في الجامعة وتغيير جذري لمعظم هذه النظم والأساليب لتلائم التحول نحو الجامعة الإلكترونية, وأعتقد أن هناك صعوبة في تطبيق هذا الجانب بالنسبة لجامعة حكومية ترتبط في قوانينها وأنظمتها واستراتيجياتها وأهدافها وإجراءاتها بالقوانين والسياسات العامة في الدولة. كما أن هذا التحول كنوع من التغيير سوف يواجه بمقاومة غير عادية ممن لا تستهويهم التكنولوجيا وتطبيقها فيعملون جاهدين لمحاربتها ووضع العراقيل أمام تطبيقها أو التقليل من أهميتها إما لأنهم لا يفهمونها ولا يدركون منافعها ولا يعرفون كيفية استخدامها أو التعامل معها وتوظيفها في ممارسة أدائهم الوظيفي أو الأكاديمي بالجامعة, وليس لديهم رغبة واستعداد أو وقت لتعلمها والتدرب على استخدامها أو لأنهم قد يرونها تشكل في حال تطبيقها مصدر تهديد لمراكزهم الوظيفية أو القيادية الحالية والمستقبلية وما يحققونه عبرها من امتيازات ومصالح مادية أو شخصية وبالتالي فإن الحد من مقاومة التغيير أو تقليل أثره يحتاج إلى جهد ووقت كبير في التوعية والإقناع وتهيئة البيئة المناسبة والمشجعة على الانطلاق وإحداث التغيير المطلوب للتحول نحو جامعة تكنولوجية متميزة في المستقبل. وفي الأخير أرجوا ألا يفهم مقالي هذا على أنه محاولة انتقاص أو تقليل من شأن وأهمية هذه الاستراتيجية أو من قام بإعدادها بل هو مجرد وجهة نظر شخصية من منطلق الحرص على نجاح تطبيق هذه الاستراتيجية وتجسيدها كحقيقة واقعية على الصعيد العملي في جامعتنا الفتية ووطننا الغالي على قلوبنا جميعا لأنها تتضمن أهدافاً استراتيجية وأنشطة بالغة الأهمية قام بإعدادها وصياغتها أساتذة وزملاء أعزاء مشهود لهم بالكفاءة والخبرة الإدارية والأكاديمية وتمثل في النهاية طموحاتنا جميعا كمنتسبين لهذا الصرح العلمي الأكاديمي الكبير في تحقيق نهضة علمية وتكنولوجية تسهم في تقدم وتطور وطننا الحبيب. وختاماً أقول من حقنا أن نطمح لنكون الأفضل محلياً وعربياً وحتى عالمياً. لكن أتمنى أن لا تتحول طموحاتنا إلى أحلام غير قابلة للتحقيق في ظل افتقارنا للبنية التحتية اللازمة والضرورية لتحقيق ما نطمح إليه, والله من وراء القصد.