لم تعد الجامعة في العصر الحديث مجرد مؤسسات تعليمية او اكاديمية مهمتها تخريج كوادر بشرية متخصصة في مختلف المجالات العلمية والتطبيقية فقط لكنها اليوم بالإضافة الى ذلك مؤسسة بحثية تنموية اجتماعية تلعب دوراً مهماً وأساسياً في خدمه المجتمع وتنميته وتطويره في مختلف المجالات من خلال عده وسائل وأساليب تندرج ضمن اشكال واستراتيجيات تحقق الشراكة المجتمعية بين الجامعات ومختلف قطاعات المجتمع . وفي ظل ما يشهده العالم من انفتاح وتطور معرفي وتكنولوجي وتقدم مذهل في عالم الاتصالات ، تتصاعد الأصوات التي تدعو الجامعات إلى إعادة إنتاج نفسها بالشكل الذي يعزز من دورها الاجتماعي. فبعد أن أطاحت الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة بالأسوار والجدران التي كانت تتعذر بها الجامعات على أنها تحد من قدرتها في الاتصال والتواصل مع مجتمعاتها ، أصبحت الجامعة اليوم مؤسسة مفتوحة وفي تماس مباشر مع المجتمع ، وموجودة فعلا ، ليس فقط في داخل المجتمع وإنما امتد وجودها وتأكد حضورها حتى داخل الأسرة ، وهذا يحملها مسؤوليات كبيرة في تطوير المجتمع. وجامعاتنا اليوم ، وهي مطالبة بإصلاح أوضاعها إصلاحاً حقيقياً يعزز من موقعها العلمي محليا وعالميا ، ويؤكد من دورها العلمي والأكاديمي ، فإن عليها أيضا أن تستثمر مواقعها وقدراتها من أجل التفاعل بشكل إيجابي مع تطلعات المجتمع ومعاونته فيما يواجهه من تحديات وما يقف في طريقه من مشكلات ومعوقات ، فالمجتمع هو المخزون الذي يرفد الجامعة بشريا وماديا ومعنويا ، وكلما استطاعت الجامعة أن تعزز من حضورها في المجتمع وتعزز من علاقتها به كان المجتمع أكثر استعدادا لأن يقف معها ، وأن يقدم لها كل الدعم المطلوب لتأدية دورها العلمي والأكاديمي والاجتماعي. ويعتبر البحث العلمي التطبيقي احد ابرز جوانب الشراكة المجتمعية بين الجامعات ومتظلمات المجتمع حيث يجب ان توجه مختلف البحوث العلمية التطبيقية في الجامعات اليمنية لخدمه المجتمع في مختلف مجالات التنمية , وهذا الامر يقتضي العمل على دعم وتعزيز علاقة الشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي بين الجامعات ومنظمات المجتمع وذلك من خلال عدة وسائل ابزها من وجهه نظري تفعيل دور المراكز المتخصصة بالجامعات كمراكز البحوث والدراسات والبيئة وخدمة المجتمع بحيث تصبح مراكز مضيئة تنير دروب التقدم والتطوير والتنمية في المجتمع . من خلال مساهمتها الفعاله في تحقيق تفاعل ايجابي مثمر بين الجامعات والمجتمع . وربط البحوث والدراسات والتطبيقات العلمية والأكاديمية باحتياجات ومتطلبات التنمية في المجتمع . والقيام بأنشطة وفعاليات تسهم في خدمه المجتمع بحيث يشعر كل فرد ومؤسسه في المجتمع بأن الجامعة جزءاً مهماً وأساسياً في عملية التنمية الشاملة للمجتمع , بل هي العقل المفكر والمبدع والمخطط والموجه لكل جهود ومسارات التنمية والتطوير والتقدم والنمو في مختلف المجالات والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والقانونية والتكنولوجية ... بالمجتمع . ويؤسفني جدا ان ارى اليوم فجوة كبيرة في علاقة جامعاتنا بمنظمات المجتمع وجهود ومتطلبات التنمية في مختلف المجالات هذه الفجوة تزداد اتساعا يوما بعد يوم رغم وجود العديد من المراكز والوحدات المتخصصة في البحوث والتنمية والدراسات وخدمه المجتمع ضمن الهياكل الادارية لجامعاتنا الحكومية , لكنها للأسف الشديد جميعها او معظمها مجرد مراكز شكلية غير فعالة لم تحقق معظمها اي انجازات عملية مؤثرة على ارض الواقع لخدمه المجتمع والجامعة , بل اصبحت عبئا اضافيا على ميزانية الجامعات الزهيدة والمحدودة اصلا , والتي لا تغطي النفقات الاساسية والضرورية لتسيير الاداء الاكاديمي والإداري في الجامعات بدلا من ان تكون هذه المراكز مصدرا مهما للتمويل في الجامعات من خلال عائدات البحوث والدراسات والخدمات التي تقدمها لأفراد ومؤسسات المجتمع كما هو الحال في العديد من الجامعات العربية والعالمية . وختاما اقول إن من حقنا كمجتمع أن ننتظر من جامعاتنا أن تطور من نفسها وأن تطوع مستجدات العلم والفكر وكل وسائل الاتصال الحديثة وما توصلت إليه ثورة المعلومات من تقنيات جديدة في خدمة قضايانا ومعالجة مشكلاتنا وتطوير قدراتنا. فتجارب شعوب العالم على اختلافها وبعدها وقربها منا تدل على أن للجامعات الدور الأكبر في بناء أسس النهضة لمجتمعاتها ، فجامعاتنا اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى أن تترجم فعلا ما تعلن عنه في رؤيتها من أهداف في خدمة وطنها ومجتمعها. وفي ظل ما تشهده جامعة تعز اليوم من حركة تغيير واسعة نحو الافضل بقيادة رئيسها المبدع والمتميز الاستاذ الدكتور محمد الشعيبي فإننا نأمل ان يشمل هذا التغيير القيادات التاريخية الغير فعالة والمهام والبرامج والأنشطة المختلفة لجميع المراكز الجامعية المتخصصة في التنمية والبحوث والدراسات وخدمه المجتمع بحيث تصبح هذه المراكز فعالة ومنتجه ومربحة للجامعة والمجتمع وتسهم ايجابيا في تقوية وتعزيز الصورة الذهنية الجيدة لدى جميع افراد وقطاعات المجتمع عن جامعتنا ودورها في خدمه المجتمع . رابط المقال على الفيس بوك