تلامس عادة الموعظة قلوب البشر، وترق لها، فالإنسان يحتاج دائماً إلى لحظات روحانية تزيد من ارتباطه بالله فما بالنا بيوم الجمعة التي نرنو فيها للاستماع إلى الخطبة . لكن في الجمعة الموافق 30 /4/ 2010م ، وأنا أسمع الخطبة اقشعر جسدي ودمعت عيناي ، كوني سمعت الخطيب الذي يتحدث دائماً عن الأخلاق والقيم ، .... يتحدث عن قضية زواج الصغيرات ، وليست المشكلة أن يتحدث أي خطيب عن قضية زواج الصغيرات ، وعن تحديد قانون سن الزواج ، ويناقشه فكريا ، ويقف معه أو يعارضه ، ولكن المشكلة في أن يعرّض الخطيب بالمناصرين لقانون تحديد سن الزواج ، ويتهمهم بالتآمر مع الغرب لهدم الإسلام ، كما يشرح للمصلين مواقف غربية إباحية ، ويقول لهم إن المناصرين لقانون تحديد سن الزواج يريدون أن يوصلوا مجتمعنا المسلم إلى هذا المستوى من الانفلات والتحلل الأخلاقي ، ونسي هذا الخطيب أن من بين المصلين أطفالا يسمعون قوله ، ويعودون إلى منازلهم ليسألوا أمهاتهم ما ذا يقصد الخطيب بقوله : أن الطفل والطفلة في سن التاسعة في الغرب يعملان ما يعمل الرجل مع امرأته ....، كما يتهم الخطيب المناصرين لقانون تحديد سن الزواج أنهم ينفذون الأجندة الغربية ، واتفاقية السيداو ، ويقرأ لهم من فقراتها ، ليقول لهم أنها تحرض على الزنا ، فلماذا كل هذا التحريض والتعريض بالمناصرين لتحديد قانون سن الزواج ، وهل من وظائف المنابر إثارة الفتن والتأليب على المخالفين لوجهة نظر الخطيب ؟ حاشا لله أن تكون منابر الجمعة موظفة لمثل هذه الأهداف !. وهنا أجدني أضع سؤالاً؟. ما الذي جعل قضية زواج الصغيرات تتحول إلى ما يشبه الانتخابات ودعايتها. ..، لماذا تحولت بعض خطب الجمعة إلى إثارة للفتن، وتأليب على الآخرين، والتعريض بهم لمجرد أنهم خالفوا الخطباء بالرأي؟ ولماذا تحولت قضية زواج الصغيرات إلى قضية شرف لدى البعض، فإما وإما؟ لماذا نتهم الآخرين بنشر الفاحشة لمجرد أنهم يفكرون ، وهل الفاحشة بالفعل موجودة ، وملحق أفكار ينشرها ؟ كالخبر عندما يكون سرياً ثم يأتي من ينشره ؟ وهل خالف ملحق أفكار الثوابت الدينية أو أنكرها ليصرح خطيب الجمعة في حارتنا أن أفكار الصادر عن صحيفة الجمهورية يريد أن يُلغي السنة النبوية؟ ما كنت يوماً أحب أن أكتب عن هذا الموضوع أو أدخل في تفاصيله في ملحق أفكار، وكنت قد اكتفيت بكتابة قضايا واقعية مأسوية في ملحق الإنسان لصغيرات تزوجن وطلقن وهن تحت سن الخامسة عشرة ، وتركت الحكم للقارىء ، وذلك لإيماني أن زواج الصغيرات لا يحتاج إلى قانون بقدر ما يحتاج إلى وعي بأهمية الموضوع وقناعة من قبل الآباء بواجبهم تجاه بناتهم، وبحقهن عليهم . نحن لا نحتاج إلى قانون بقدر حاجتنا إلى سنوات ضوئية طويلة من العلم لتضيء عقولاً بشرية ، ليعرف كثير من الناس أن للطفلة حقاً علينا ، وهي إنسان له حق الاختيار ، والرفض والإيجاب . بقي لي أن أخاطب بعض خطباء المساجد وأقول لهم: ما ذنب الأطفال ، وما ذنبنا نحن الكبار أن نصاب بانفصام لتحدثونا في إحدى الخطب عن الأخلاق وعن اثم الغيبة وعدم جوازها ، ثم تأتون في جمعة تالية لتعرّضوا بالآخرين وتتهموهم بالدعوة للزواج العرفي ، وللإباحية ، وبالعمل على إلغاء السنة النبوية ، وبالعمالة وهم مثلكم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره ويؤمنون باليوم الآخر ؟أهذا حق المؤمن على المؤمن ؟!