من المعلوم أن لكل شيء عموداً يستقيم عليه، فللإنسان عمود فقري وهيكل، وللبناء أعمدته وهيكله المعروف كما أن لكل كائن حي حيوانياً كان أم نباتياً عموده الذي تستند عليه كافة أجزاء ومفاصل جسمه، وعلى هذا قس.. فللدولة عمودها التي تستند عليه ويتمثل بالاقتصاد الوطني ودونه لا يمكن أن تستقيم الدولة ولا يمكن أن تقوم لها قائمة مالم يكن هذا العمود قوياً وصلباً وحيث إن الاقتصاديات العالمية قد توسعت آفاقها وأنظمتها القانونية ولوائحها المختلفة ودخل الإنسان مرحلة جديدة من التعاملات الاقتصادية الواسعة التي لا حصر لها وبالتالي أي تلاعب في مساراتها هو خروج عن المألوف الذي لا يؤدي بصاحبه إلا إلى السقوط في الهاوية والتي يصعب الخروج منها إلا بعد تقديم التضحيات والتنازلات المادية حيث تؤدي بصاحبها إلى الخسائر المادية والمعنوية.. وعلى سبيل المثال الغش التجاري هذه الآفة التي تسبب الأضرار للدولة والمواطن بالدرجة الأولى باعتباره مستخدم كل المتنجات ومستهلكاً لها، وهناك من يدخل هذا المحظور الذي نسميه الغش التجاري لغرض الربح بطريقة أو بأخرى وبطرق ملتوية مثال ذلك أسلوب التقليد في المنتجات على أساس أنها أصلية جاءت من بلد المنشأ وهذا الأسلوب السيء لاشك أن الذي يتحمل تبعاته الدولة حيث يكلف الاقتصاد الوطني المليارات من العملة الصعبة وبالتالي يتضرر المواطن باعتباره المتعامل والمضارب في الأسواق على أساس شراء المنتجات الأصلية بأي ثمن لذلك كانت القاعدة الإسلامية القديمة الجديدة هي الرادع لمثل هؤلاء الناس “من غشنا فليس منا” لها مدلولها العلاجي الرادع للنفس البشرية المريضة التي تدخل ضمن تصنيف الفاسدين. وفي الثقافة العربية تأتي كلمة الفاسد على أساس انه غير صالح للاستخدام فمثلاً الماء الذي نشربه عندما يتغير طعمه أو لونه أو رائحته يكون قد خرج عن صلاحيته للاستخدام الآدمي وبالتالي دخل موسوعة الفساد وبالتالي فإن من يسعى إلى الغش في بضاعته ومنتجاته ورفع أسعارها أيضاً على أساس أنها بضاعة أصلية لا توجد في السوق سوى عنده هو أيضاً خداع وغش بكل ما تعنيه الكلمة من معنى واستمرار في السير على هذا الطريق إنما هو إفساد في الأرض والسعي في خرابها، ومثل هؤلاء الناس الشواذ يجب إيقافهم عند حدهم بحيث يتم وضعهم تحت المجهر الرقابي المتمثل بالجهة المعنية وزارة الصناعة والتجارة وبالتالي كشفهم وجعلهم عبرة لمن يعتبر لأنهم يضاربون بأقوات الناس فالضوابط مطلوبة وذلك لايمنع من المنافسة الشريفة البعيدة عن الشبهات التي قد تضر بالدولة بل وقد تؤدي إلى هدم أهم مفصل من مفاصل الدولة وهو الاقتصاد الوطني. إن المغالاة في الأسعار والغش في السلع ظلم حرمه الخالق على نفسه فكيف يرضاه الإنسان لأخيه الإنسان بل إن المتعامل في مثل ذلك يكون صاحبه قد فتح لنفسه باباً من أبواب جهنم على اعتبار أن الظلم ظلمات يوم القيامة. عملية الغش التجاري تكبد خزانة الدولة مليارات الدولارات الأمر الذي يفرض على الجهات ذات العلاقة التنبه إلى هذه الآفة قبل استفحالها وأقصد في ذلك الضرب بيد من حديد بأسلوب عقابي مناسب على الشركات المنتجة والتجار المتلاعبين الذين يجعلون من غشهم وتزييفهم للمنتجات ملاذاً للربح غير المشروع.