بدأ مونديال جنوب افريقيا وهي المرة الأولى التي تحظى افريقيا باستضافته وقد اعتبر الأفارقة ذلك نصراً عزيزاً, العرب مثلوا بفريق واحد هو الجزائر الذي صعد إلى كأس العالم وهو مهدد بالخروج بعد الهزيمة الأولى من سلوفينيا. كانت كرة الساحر تنتصب في غرفة مظلمة محاطة بالبخور والنيران أما اليوم فقد خرجت الكرة الساحرة من القمقم وأصبحت في كل مكان وفي كل بيت ولم يعد زبائنها من المغفلين ولاعبوها من المشعوذين وإنما صار عشاقها من كل جنس وفي كل مكان وقد أحسن وصفها بأنها أفيون الشعوب وهي اليوم كذلك, ورغم أن امتحانات الثانوية على الأبواب فإن معظم الطلاب مشغولون بكأس العالم أكثر من انشغالهم بالمذاكرة والاستعداد للامتحان. ومع حمى البحث عن القنوات الفضائية فإنه ترتفع أسعار الأطباق الفضائية ارتفاعاً غير مبرر. وإذا كان هذا في الجانب الاجتماعي والثقافي فإن السياسة لها نصيب موجع من الفائدة من هذه الساحرة, فإسرائيل تعودت أن تهجم على العرب في فعاليات مماثلة فقد هجمت على لبنان واجتاحت المخيمات في عام 1982م والعالم مشدود بمتابعة كأس العالم. وفي هذا العام كانت اسرائيل تبيت هجوماً جديداً ولكن توقيت قافلة الحرية أفسد هذا المخطط الذي كان ولاشك أن يبدأ تنفيذه مع افتتاح كأس العالم ولكن الله سلم. أصبحت الكرة هي المتنفس الأفضل للجماهير ولذا فإن الدول تدفع المبالغ الطائلة لخدمة هذا الأفيون - كما يسميه البعض- باستثناء طاقة الشباب المشجع والذي تصل إلى حد الهوس هو المطلوب لإلهائهم عن قضاياهم الكبرى والأغرب أن أسعار اللاعبين وهم يتنقلون من ناد إلى آخر تصل إلى مبالغ خيالية فهذا اللاعب انتقل من النادي الفلاني إلى آخر بمبلغ 75 مليون دولار، وهذا المدرب يدفع له لمدة أيام مليون دولار واللاعب الفلاني يؤمن على رجله بمبلغ عشرة ملايين دولار, وبسبب المبالغة الإعلامية تحول اللاعبون إلى قدوة لمعظم الشباب ومنتهى طموحاتهم وقد سئل أحد المشائخ في مصر عن أمله في مستقبل ابنه فقال: أتمنى أن يكون لاعب كرة قدم فإن حاله ستكون أفضل من حالي أنا الذي أمضيت ثلاثين عاماً في الدراسة والتحصيل العلمي ثم أتقاضى مرتباً لايكفي إلى منتصف الشهر!. وإذا كان الأمويون ينفقون الآلاف من الدنانير على شعراء النقائض جرير والفرزدق والأخطل لإلهاء الناس عن المظالم التي كان ولاتهم يرتكبونها فإنهم مع ذلك قد تركوا ثروة من الشعر والأدب ماكانت لتظهر لولا ذلك الاهتمام. أما الكرة فثقافتها تنتهي مع صافرة الحكم, ثم تطير الكرة.. وللشيخ الشعراوي رحمه الله رأي في ذلك يقول:إن الاحتراف في كرة القدم لايجوز وإنها يجب أن تظل هواية ورياضة يمارسها الجميع ولا يستأثر بها البعض ويتحول الباقون إلى مشجعين, فالرياضة لابد أن تكون للجميع وكل كأس والعالم بخير.