الحلقة الحادية عشرة الحمدلله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.. وبعد انتهيت في الحلقة الماضية من الجواب على أهم أو كل شبهات المطالبين بسقوط حد الردة وذكرت قبلها الأدلة الشرعية من الكتاب وصحيح السنة وإجماع الأمة على قتل المرتد ان لم يتب إلى الله وسوف أذكر في هذه الحلقة والتي تليها الأدلة العقلية على قتل المرتد وفوائد إقامة حد الردة ومآلات سقوط حد الردة لا سمح الله. أقصد بالأدلة العقلية على حد الردة ان العقل السليم الخالي من الغرور الطاهر من لوثة الغرب يقر بحد الردة ويراه طبيعياً لا تمجه العقول بل ولا تستغربه فكل عقلاء الدنيا يسترخصون الدماء في سبيل حفظ مايعتقدونه وصيانته من العبث والضياع فتسفك الدماء عند العقلاء لحفظ الوطن من الضياع وتسفك الدماء عند العقلاء لحفظ الأموال والأعراض وتسفك الدماء عند العقلاء لحفظ النفس من الاعتداء.. الخ. أفلا يستحق الإسلام ان تسفك دماء من ينكرون صدقه وأحقيته على الأديان كلها أفلا يستحق من سب الله ورسوله واستبدل بدل الإيمان بهما الإيمان بصليب أو ببقرة أو صنم أو فرج ان يسفك دمه ان لم يتب؟ لاشك ان العقل السليم يقر بقتل المرتدين وله على ذلك أدلة تقنع العقلاء منها : 1 - لا يمكن الفصل بين ردة الفرد وبين لحاقه بأعداء الأمة فكراً وعملاً ولا يخالف عاقل في هذا فالمرتد ان لم يحارب الأمة بالسلاح سيحاربها في فكرها ويلحق بأعداء الأمة وينشر معتقداتهم وأفكارهم في الأمة التي كان فيها وهذا يهدّد الأمة بالزوال ومحو وجودها من على الأرض وسلخها من دينها وهذه جريمة تساوي الخيانة العظمى في عصرنا هذا وعقوبتها الإعدام عند جميع دول الأرض انظر التشريع الجنائي الإسلامي د. شجاع الدين ص37. 2 - من دخل في الإسلام فإنه قد التزم أحكام الإسلام وعقيدته التي منها ان من ارتد عنه قتل فهو بدخوله في الإسلام التزم بأحكامه التي منها عقوبته عند الاخلال به وإذا كان الإنسان مخيراً في دخول أي بلد فإذا مادخلها لزمه الانقياد لأنظمتها وإلا استحق العقوبة على اخلاله وليس له ان يحتج بأنه كان مخيراً قبل دخوله لها بينما المرتد بردته ارتكب عدة جرائم: جريمة في حق نفسه إذا ضلها وجريمة باستخفافه بعقيدة أمته ونظامها الذي يرتكز على الإسلام وجريمة بتشكيكه لضعاف العقيدة في عقيدتهم وهذا كله مؤدٍ إلى اضطراب المجتمع واهتزازه كما أنه أعلن وجاهر بجريمته ولم يسر بها لأنه لو أسر ردته صار منافقاً ولما أعلنها صار مرتداً مجاهراً.. أنظر بحوث فقهية للعلامة د. عبدالكريم زيدان ص416. 3 التساهل في هذه العقوبة حد الردة يؤدي إلى زعزعة النظام الاجتماعي القائم على الدين فكان لابد من تشديد العقوبة لاستئصال المجرم من المجتمع منعاً للجريمة وزجراً عنها وشدة العقوبة تولّد في نفس الإنسان من العوامل الصارفة عن الجريمة مما يكبت العوامل الدافعة إليها ويمنع من ارتكاب الجريمة في أغلب الأحوال.. انظر التشريع الجنائي الإسلامي 662/1عبدالقادر عودة. 4 من المعلوم أن العقوبات تتناسب مع الجرائم فكلما ازدادت بشاعة الجريمة استلزمت عقاباً موازياً لها في الشدة ويطلق على هذا المبدأ مبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة فعلى سبيل المثال عقوبة الإعدام عقوبة مقررة في الشرائع السابقة وفي القوانين الوضعية المعاصرة وقد أيدها عدد من المفكرين منهم: روسووفولتير ومنتسيكو وغيرهم بل بعض الدول الغربية التي ألغت عقوبة الإعدام عادت فأقرتها مثل إيطاليا وروسيا بحجة أن من ارتكب جرماً خطيراً أو شديد الضرر فعليه أن يدفع حياته ثمناً لإثمه الكبير انظر علم الإجرام والعقاب د/عبود السراج بواسطة مجلة البيان عدد 325. قلت إذاً عقلاء الغرب يقرون إعدام من فعل جرماً أو إثماً كبيراً وعندنا نحن المسلمين أكبر الكبائر الشرك بالله فهي أكبر جريمة يرتكبها مسلم لذلك يجب قتله إن لم يتب وعليه أن يدفع حياته ثمناً لإثمه الكبير وهكذا يؤيد العقل الغربي حد الردة لأنه حد على جرم كبير أليس كذلك؟. 5 إن هذا الحكم الشديد للمرتد هو فرع عن حرية التدين والاعتقاد لأن الإسلام لا يُكره أحداً على اعتناقه فإذا حصل عنده القناعة التامة والرضى الكامل والإقرار بأن الإسلام حق فيعلن إسلامه فإن ارتد بعد ذلك فهو إما أنه دخل الإسلام نفاقاً ورياءً ولمصلحة خسيسة وبقي الكفر في قلبه فهذا يتلاعب في العقيدة والمقدسات ونظام الأمة فيستحق القتل لهذه الجريمة وإما أنه خرج من الإسلام لوسوسة شياطين الإنس والجن وإغوائهم وإغرائهم فهذا يستتاب وتكشف له الحقائق ويناقش في شبهاته حتى لا يبقى له حجة وتزال عنه الأوهام فإن أصر على الباطل فإنه يُقتل لجريمة العبث بالمقدسات والعقائد والأديان وخروجه عن النظام العام وخيانته للأمة التي ترعاه والدولة التي تحميه فقتل المرتد هو بحد ذاته حماية لحق التدين حتى لا يصبح هذا الحق ألعوبة وسخرية ومهاناً ورخيصاً كسقط المتاع، حقوق الإنسان محور مقاصد الشريعة كتاب الأمة ص96بحث أد محمد الزحيلي. 6 لو طالب غربيّ بأن يكون نظام الحكم في بلده وراثياً وكوّن حزباً للمطالبة بذلك وسعى لتغيير الحكم بهذا الاتجاه فلا شك أنه سيتعرض للعقاب الذي قد يصل إلى القتل لأنه أراد تغيير نظام البلاد الذي يقوم على النظام الديمقراطي الأمر الذي يترتب عليه تدمير الأمة بتغيير نظامها الذي تقوم على أساسها وكذلك المطالبة بإلغاء الردة سيقوض المجتمع المسلم لأنه يقوم على الإسلام في كل جوانب الحياة سياسة واجتماعية واقتصادية..الخ فإباحه الخروج على هذا النظام سيدمر كل جوانب الحياة في الأمة أفلا يحق عقلاً إعدام هذا القول وقائله إن لم يتب وهل العقل يترك الحرية لكل مبدأ يهدم الأمة؟؟ 7 أليس من العقل إقامة حد الردة لإفشال مخططات التنصير الرهيبة التي تعمل ليل نهار لإفساد عقيدة المسلمين وتبذل في سبيل ذلك ما لا يوصف ومن ذلك الوسائل التي كتبها المنصرون من سورية والشرق الأدنى بين عامي 1830م و1842 بلغت ثمانية وثلاثين مجلداً ولما اجتمع مؤتمر التنصير العالمي عام 1910م أصدر تقريراً عن النواحي التي يجب أن يهتم بها المبشرون تم طبعه في عشرة مجلدات أما مؤتمر التبشير في القدس 1928م الذي اجتمع لمدة أسبوعين فقد وضع تقريراً في ثمانية مجلدات ومؤتمر كولو عام 1978م قدمت فيه أربعون دراسة ورصد للتنصير فيه ألف مليون دولار انظر الغارة على العالم الإسلامي ص25نشر محب الدين الخطيب والغارة الجديدة على الإسلام محمد عمارةص150بواسطة مجلة البيان أليس من العقل أن نرسل لهؤلاء رسالة مفادها: أننا سنعدم كل من يستجيب لكم وأليس من الجنون أو من الخيانة لله ولرسوله وللإسلام أن نقول لهم: سنترك كل من يتبع دينكم في أمن وسلم فلا تتعبوا أنفسكم بهذا الجهد الجبار من مليارات ومؤتمرات واجتماعات نحن نوفر لكم كل التسهيلات سنلغي حد الردة الذي هو أكبر عقبة أمامكم سنلغيه نيابة عنكم ونتصدى “للإرهابيين”الذين يريدون قتل من تبعكم منا وسنشوّه كل عالم إرهابي يطالب بحد الردة ونشكك بكل دليل للردة. 8 المرتدون ستتعدد دياناتهم والجهات التي يتبعونها وستختلف مذاهبهم بل والمذهب الواحد بين أتباعه، فهذا نصراني وذاك يهودي وهذا بوذي وذاك ملحد وهذا يعبد البقر وذاك يعبد الشيطان ثم هذا نصراني كاثالوكي وهذا ارثاذكس وهذا بروتستانتي وبينهما من الحرب ما لا يخفى، أليس من العقل قتل المرتد حتى لا تدخل هذه الاختلافات إلى الأمة الضعيفة المنهكة بخلافاتها أليس من العقل إقامة حد الردة لتسلم الأمة من صراع من كفر منها مع بعضهم ثم صراع الأمة معهم ثم لتسلم الأمة من أن تكون ميداناً لتصفية صراعات ملل الكفر على أرضها بأيادي من كانوا من أبنائها، هل العقل يسمح بهذا الفساد وهل من يجوّز حدوث هذا الصراع له عقل أًصلاً؟ 9 هل يعقل أن يعاقب تارك الصلاة بالقتل إن لم يتب أو الحبس والضرب حتى يصلي، فمذهب جميع الأئمة لا يخرج تارك الصلاة عن هذين الحكمين فهل من العقل أن يعاقب من ترك الجزء ولا يعاقب من ترك الكل هل العقل يقر بقتل من ترك الصلاة ولا يقر بقتل من ترك الإسلام كله وبالمناسبة هذا قول عمر بن الخطاب، أي قتل تارك الصلاة ...فهل يعتبر من يحتج برواية وردت عن عمر بحبس المرتدون قتله قد أجبنا عنها سابقاً وليراجع من شاء حكم تارك الصلاة في المحلى لابن حزم والفقه على المذاهب الأربعة وغيرها. 10 أليس من العقل قتل المرتد إن لم يتب لكي نخفف عذابه في الآخرة فلو قتل في بدء ردته فسوف يكون عذابه أخف مما لو عاش وارتكب مزيداً من الجرائم وأخرج المزيد من الناس من الإسلام؟ وهذا الكلام ليس فلسفة بل هو شرعي 100%لأن الناس يعذبون على قدر ذنوبهم فلا يعذّب من كفر وقتل كمن كفر وعاش لأنه سيرتكب مالا يعلمه إلا الله من الموبقات بعد كفره فإقامة الحد عليه خير له ولأهله فربما لو عاش لكفروا معه وخلدوا في النار معه فقتل المرتد انقاذ لأسرته أولاً وللمجتمع ثانياً من فرد يدعوهم ليكونوا من الخالدين في جهنم. وللحديث صلة أمين عام جامعة الإيمان بتعز