عند الامتحان يكرم المرء أو يهان، دائماً ما تتكرر هذه العبارة مع بداية موسم الامتحانات رغم أن الامتحان لم يعد المقياس الوحيد لقدرات الطالب وكفاءته ودلالة على مثابرة الطلاب واجتهادهم وتحصيلهم خلال العام الدراسي إنما هو اجترار لكل ما تم تلقينه وحشو أذهان الطلاب به، ليتم إسقاطه على ورقة الامتحان بعد أن يكون الطلاب قد حفظوه عن ظهر قلب ودون أن تقتضي الحاجة إلى التفكير والتحليل والاستنباط إنما يتطلب صب المنهج المدرسي على ورقة الامتحان دون زيادة أو نقصان. المئات من طلاب المرحلة الثانوية يتوجهون لأداء الامتحانات النهائية التي تحدد مصيرهم وسط تخوف كبير وتوتر وضغط نفسي، فإذا وجد الطلاب مراقباً يسهل عملية الغش سرعان ما تزول تلك المشاعر ويبدأ الغش الجماعي تحت مباركة المراقبين مبررين ذلك بكثافة المناهج وقلق الطلبة من الامتحانات التي لها تأثير مباشر على تقرير مستقبلهم وضعف أداء المدرسين في المدارس حيث يتعمد بعضهم –المدرسين- مع سبق الإصرار والترصد على عدم توصيل مادته على النحو المطلوب إلى طلابه كي يتمكنوا من جرهم إلى دروس التقوية في المنازل والمعاهد الخاصة وإضافة أعباء مالية على أهالي الطلبة. فلم يعد الحصاد المثمر من نصيب أولئك الذين بذلوا الجهد منذ بداية العام الدراسي، فقد تساوت كفتا الميزان وأصبح الطلاب الكسالى والضعاف في تحصيلهم العلمي يوم الامتحان مثلهم مثل الطلاب المتفوقين بعد أن أصبح الغش هو الملاذ الوحيد للطلاب الكسالى الذين بحثوا عن طريق سهل وحيلة تتيح لهم الهروب من الإخفاق وامتهنوا الغش كوسيلة ضرورية للنجاح لتنتقل العدوى إلى زملائهم من الطلاب المتفوقين وتسلحوا بسلاح الغش لوقت الضرورات، والمستغرب أن الغش في أوساط المعلمين والأهالي والطلاب بات حقاً مكتسباً، ولم يعد بالسلوك اللأخلاقي المشين وخرقاً للقيم الدينية والاجتماعية، حيث أصبحت ظاهرة الغش في الامتحانات داخل مؤسساتنا التعليمية واقعاً لا يختلف حول وجوده اثنان، ومن أسبابها تردي الواقع التعليمي وتفشي الفساد الإداري داخل المنظومة التعليمية . كل عام نشهد ابتكارات جديدة في أساليب الغش بين الطلاب، فقد عرفت السنوات الأخيرة استفحالاً لظاهرة الغش بعد أن أصبحت سلوكاً عادياً، مما يجعلنا نسأل عن أسبابها الحقيقية وآثارها على التربية وعلى مستقبل الأجيال، فالغش نكبة على التعليم والأجيال والوطن تنعكس عواقبه السلبية على مظاهر الحياة في المجتمع، فيسود في أوساط المجتمع الفاسدون والغشاشون والمزورون من التجار والقضاة والمحامين والأطباء والمهندسين ومن يخونوا الأمانة ويتهاونوا في الحفاظ على هذا الوطن. ينبغي على القيادات التربوية أن تتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقها و تقف بشدة وحزم أمام ظاهرة الغش وتشديد العقوبة على كل من يمارس الغش ومن يسمح به، وإعادة النظر في طبيعة المناهج التي تدرس للطلاب والاهتمام بالتعليم الذي ينمي قدرات الطلاب العقلية ومهاراتهم الذهنية وتربيتهم على اكتساب قيم ومهارات تؤهلهم لمواجهة متطلبات العصر العلمية.