ارتفعت درجة الحرارة هذا العام فوق معدلها الطبيعي بسبب المنخفض الهندي كما يقول علماء الطقس. والحق إننا في فصل الصيف وفي العالم العربي، خاصة في الخليج ترتفع الحرارة بشكل ملحوظ، حتى لا يستطيع الإنسان أن يسير بشكل طبيعي في شوارع الرياض وبغداد وأبوظبي. ولقد سخّر الله العلم لخدمة الإنسان ورفاهيته، فتمكن من تبريد المنزل والسيارة والمكتب, فقط يخرج من المنزل إلى السيارة إلى المكتب. وفي اليمن نجد الحرارة ترتفع في المدن البحرية، المكلا، وعدن، والحديدة، والمخا؛ فيهرب الناس إلى صنعاء والمناطق الوسطى، التي للأسف لا يوجد فيها أي مرفق سياحي، يقدم الطعام والشراب للمسافرين. وحاولت أن أزور مدينة “السدة” محافظة إب العام الماضي؛ فوصلت مع بعض الرفاق في الحادية عشرة فلم أجد غير مطعم قذر تركته وتخليت عن المقيل في هذه المدينة الجميلة، لنستغرق ثلاث ساعات في الطريق الصعب مع قلة البترول والجوع حتى وجدنا بعض الطعام في مطعم إب... إلخ. والحق أن صنعاء التي حوت كل فن بدورها أصبحت حارّة، وقد عرفتها قبل ثلاثة عقود عذبة البرودة وجميلة النسيم، وكان في الصيف أمام كل وزارة ومؤسسة “صندوق شاي” سرعان ما يبادر إليها الموظفون، طلباً للدفء. ازدحمت صنعاء بألوان السيارات، وتلوثت بالضجيج وبالمركزية، فأصبحت حارّة في الصيف؛ حارّة في الشتاء. قال العلماء إن البلدان الصناعية وراء هذه الحرارة الجهنمية، وإن هذه النهضة الصناعية لوثت الفضاء فثقبت “الأوزون”. وفي مرة ذهبت أطلب البرود في جبل بباكستان “نسيت اسمه الآن” يقع خارج العاصمة “إسلام أباد” فوجدت أن كثيراً من الباكستانيين يلجأون إلى الثلج يذيبونه في البرك الصغيرة والمسابح ليغتسلوا من الحر، فلم يعد هذا الجبل الذي يشبه “سمارة” في ارتفاعه وبرودته يطفئ الحرارة. ورأيت في القاهرة قبل عامين بشهر يوليو أناساً “يخلعون” ملابسهم يرتمون في نوافير الشوارع، والمشافي تستقبل عشرات الموتى من الحر!!. درجة الحرارة ترتفع كل يوم في كل العالم، بينما نجد العواطف أكثر برودةً، والضمير الإنساني العام يكاد يتصلب من التجمد، فلا اهتمام بالقضايا الإنسانية على المستوى الدولي والاقليمي والمحلي. صعب أن يلتهب الناس من الحرارة بينما تتجمد عواطفهم من البرودة!!.