القوامة الأسرية ضرورية; لأنها مدرسة الانضباط الأولى.. ويُلاحظ المرء أن هذه القوامة كادت أن تكون معدومة في وقتنا الحاضر, وكان الإسلام قد حثّ على إطاعة ولي الأمر سواءً أكان رئيس دولة أم رئيس العمل أو رب الأسرة. ربما يكون واضحاً أن بعض الناس يذهب في تعليل ظاهرة رفض القوامة أو رفض أوامر رب الأسرة, زوجاً كان أو أباً أو أماً إلى الكفاية الاقتصادية. فالابن مثلاً قد يكون ملتزماً بتنفيذ أوامر الأب مراعاة لإنفاقه عليه; لأن الأب عائل الابن والأسرة جميعاً, وبمقابل هذه الإعالة تكون الطاعة. وأنكر العلماء على الراحل نصر حامد أبو زيد عندما ذهب إلى أن القوامة من منطلق تفضيل الذكورة على الأنوثة كانت (قرآنياً) من منظور اقتصادي فقط, وأورد الآية القرآنية الكريمة: (الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا) فالشاهد - يقول أبو زيد - “وبما أنفقوا” فإذا أنفقت النساء على أنفسهن فلا داعي للتفضيل!!. وهذا قول كما يقول العلماء مردود على أبي زيد, لأن الشاهد هو (بما فضّل الله بعضهم على بعض) ولا يسع النساء أن ينكرن ذلك, بل ليس من صالحهن أن ينكرن ذلك. لأن القوامة في المفهوم الإسلامي الصحيح هي تحمُّل الأعباء الثقال عن المرأة, وهي كثيرة اقتصادية واجتماعية ونفسية خاصة في زمننا الحاضر. الأمر يحتاج إلى أكثر من وقفة, فالآباء يتذمرون ويشكون بمرارة من أبنائهم, والأمهات يشكين من بناتهن, خاصة الأبناء والبنات الذين يقومون ببعض إسناد اقتصادي للأسرة. والحق أن الأزمة الحقيقية في إطراح تعاليم الإسلام التي تأمر الابن والبنت على السواء أن لا يرفع ولا ترفع صوتيهما على الأب والأم (ولا تنهرهما, وقل لهما قولاً كريما, واخفض لهما جناح الذل من الرحمة, وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا). لابد من الانضباط واحترام التراتب, لابد من فقه الدين واحترام الأعراف الرشيدة التي تربّت عليها أجيال الإسلام من زمن بعيد.