كيف تنظر إلى التشكيل السوداني بمدارسه المتعددة،وهل ثمة تشكيلي بعينه استوقفك ؟ عندما أقف على التشكيل السوداني أجد نفسي مباشرة أمام الثنائية الإجرائية التي تاقت إلى توصيف السودانوية الثقافية عطفاً على ثنائية الغابة والصحراء؛وعندي أن الغابة تعني المدهشات والمفاجآت، وانبثاقات الألوان،والتحولات العاصفة للطبيعة. وفي المقابل أرى الصحراء بوصفها المدى المفتوح وحالة التروحن المجبولة بصدقية الحياة ووجدانية الإنسان . المدى المفتوح في ثقافة الإنسان يتصل بتلك القيم الراكزة في أساس الطمأنينة والاسترخاء والتسامح، وأعتقد جازماً أن فنون السودان المختلفة تعكس هذه الحالة، وقد اطلعت على كثرة كاثرة من الأعمال التشكيلية لفنانين سودانيين، والتمست فيها هذه الخصائص،وأقصد بها تحديداً بهاء الألوان والمجاورة الدائمة للأزرق وما يخرج منه من ألوان موازية كالأخضر والأصفر،ورأيت بعيني جماليات تصوير البعُد الثالث عند كثير من الفنانين، كما تلمّست الحرفيات الفنية ،ووجدت قدراً من التدوير الصوفي، الأمر الذي لا أستطيع بسطه في عجالة، لكنني أشير إلى بضع أسماء مثالاً لا حصراً، ومنهم: حسن بدوي الذي تجول في مرابع التجريب والحداثة وصولاً إلى تركيز القيم اللونية التراكمية ذات الصلة بثقافة المكان،وحيدر إدريس المنصرف إلى تمائم الأصول والحرفيات الغائرة في التجريب حد الطفو،وراشد دياب المهجوس بفلسفة الفراغ وعبقرية المنظور الموشى بالألوان السودانية، وشبرين الذي يُدوْزن موسيقى الألوان مع الخواطر والتكرار ضمن أُفق يتّسع بالامتلاء حد الثمالة، وأحمد عبد العال المهجوس بتفريغ اللون على اللون مع كثير من السيطرة على جماليات الأبيض والأسود والتأصيل العرفاني الجمالي المقرون بالممارسة .