ذهب المثل في شلالات نياجارا ولكن من لم يشاهد شلالات عسير لا يصدق أن هذا يحصل ثم يختفي. وفي بل أسمر وتنومة رأيت تدفق أنهار وكأن صنبوب ماء بقطر ثلاث أمتار يتدفق عبر الصخور. وعندنا من مناطق السياحة ما يذهل ولكن لا عناية فيها. وفي عسير تزحف قبائل كاملة من القرود ويمكن الاستفادة منها سواء للمخابر أو تموين حدائق حيوانات في كل المملكة من هذه الحيوانات الذكية. وحاول مدير بلدية في منطقة من المملكة أن يفعل هذا ولكن المتشددين شددوا عليه وقالوا إنهم يمارسون الزنا علانية؟ قال لهم ولكن هذه حيوانات وتفعل الماعز والخرفان والجمال هذا في مزارعكم ولكن نشاف الدماغ ليس له علاج فاعتقل القرود وأرسلهم من حيث أتوا؟. ويضرب الناس مسافات مئات الكيلومترات من كل حدب في أمريكا وكندا ليروا شلالات نياجارا وهي قريبة من مدينة تورنتو العاصمة التجارية لكندا. وكنت أسمع بها كثيرا حتى رأيتها رأي العين وهي في الواقع منظر يحكي جبروت الطبيعة وما حبا تلك المناطق من نعمة المياه فكندا تستحم في برك وبحيرات وثلوج القطب الشمالي ومساحتها عشرة ملايين كم مربع وفيها ثلث المياه الحلوة في العالم. وأنا أنصح الكثيرين بالهجرة إليها فقد تشكلت فيها جالية عربية ضخمة في بلد يحمل الجمال ومصادر الطاقة والغابات وحرية الرأي وهو أهم من كل شيء. وهي دعوة مفتوحة للبعض وليس للكل. وأهم ما فيها هو تعاون الطبيعة مع يد الإنسان. وفي زيارة (للبيو دوم Biodom) في مدينة مونتريال نرى متحفا مناخياً حاولت بلدية المدينة أن توجد فيه أربع مناخات مختلفة للطبيعة بين المناخ الاستوائي ومناخ القطب الجليدي، بما في ذلك أعشاب وحيوانات تلك المناطق. والبلدية تربح الكثير من بضع مئات مربعة من الأمتار وبحيوانات بعدد الأصابع ولكنهم بارعون في الاستفادة من كل شيء. وفي قناعتي فإن إمكانيات بلادنا فيها أكثر بكثير مما عندهم ولكنها مشكلة الاستفادة من الطبيعة والحيوانات. وفي يوم تحدثت عن قرود عسير بأنها ثروة ولكن لم أجد سوى النقد أو الإهمال. وأضيف أن هناك من حيوانات الصحراء في بلادنا الشيء المذهل وهي تحتاج فقط إلى انتباه وصيانة وروح ابتكارية. كما أن المناخات عجيبة عندنا وفي مدينة (النماص) مثلاً في عسير تعتبر المدينة بحد ذاتها متحفاً تضم مناخات السنة الأربعة وفي 24 ساعة وعندما يشتد الضباب يصبح ضباب لندن أمامها لا شيء. وأنا عشت فيها سنتين وتمنيت أن تكون قريبة من مدينة كبيرة حتى أعيش فيها كل حياتي. وأهلها من أرقى الناس خلقاً وهو قول ليس للمجاملة بل الاعتراف بقسم مما عندهم وفوق ذلك أعطاهم الله جمال الصورة وكأن برودة المناخ تعطي دقة وجمالا في الأنف فزادوا فوق جمال (الخُلق) بالضم الخَلق (بالفتح). أما المياه عندما تتدفق من السماء بماء منهمر فهي مثل شلالات نياجارا. ولقد رأيت من جبروتها ما حطم الجسور عند عقبة أبها نزولا لتهامة قبل سنوات. فكنت أتذكر سيل العرم ولا أستوعب حكمة القرآن حتى رأيت سيول عسير بعيني. واكتشفت عند شلالات نياجارا أن من ساهم في خدمة البلد رجل بولوني هرب من بلده وأخلص الطاعة والخدمة لكندا وارتقى في السلم الوظيفي وكان وراء الكثير من إنجازات الحدائق وترتيب الطبيعة في المنطقة. واليوم تحولت المدينة مع أنها لا تحوي سوى رذاذ الشلال إلى مدينة ملاهي حقيقية ومطاعم ويركب الناس على شكل شلال بشري الزوارق الكبيرة فتسوح بهم في الرذاذ المتناثر من المياه المتدفقة فيدفعون المبالغ الكثيرة بحيث يدخل إلى هذه المدينة الصغيرة من المال مئات الملايين من الدولارات سنويا. ففيها المطاعم والموتيلات وهي نزل صغير بسيط الترتيب والنوم فيه أرخص من الفنادق الفخمة. إنها كما نرى الاستفادة من أبسط الأشياء بتحويلها إلى مصدر رزق وفير. ولقد كان لكم في سبأ آية جنتان عن اليمين والشمال بلدة طيبة ورب غفور.ومن لم ير سد سبأ الجديد الذي تبرعت دولة الإمارات في إعادة بنائه فقد فوت على نفسه رؤية قرآنية.