يعد التكاتف والتعاون الاجتماعي من أهم الأسس التي يقوم عليها أي مجتمع إسلامي والتي تضمن سعادته و بقاءه في إطار من المودة والأمن والاستقرار والوحدة و السلام. فمن الحقائق الثابتة أن الإنسان مدني بطبعه، يعيش داخل جماعة ومجتمع ووطن، ويصعب عليه أن يعيش منفرداً عن الناس. كما يصعب عليه أن يستقل بنفسه، في تحصيل مطالب الحياة، فهو بحاجة إلى المساعدة لأن القصور في طبعه، والعجز من شأنه ولهذا شرّع الإسلام مبدأ التعاون والتكافل والمشاركة، لاسيما في حل المشكلات ، قال تعالى : «وخلق الإنسان ضعيفا».. وقال تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان».. ويأمرنا الإسلام بالعطاء، وإن لم يكن من ورائه مقابل مادي أو تحقيق مصلحة شخصية عاجلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. وقال صلى الله عليه وسلم : «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً» هذا هو الاصطفاف والتعاون الحقيقي الذي يبني المجتمع، ويحمي الوطن،. وأما من اعتقد بأنه يستطيع أن يستقل بنفسه، ولا يشارك الآخرين في تحقيق مصالح الوطن والشعب فهو مغرور يصادم منطق الحياة وطبيعة البشر. فالتعاون والتكاتف والتضامن لابد منها للبناء السليم للمجتمع الإسلامي. وكلما كان التعاون والاصطفاف قائماً على أوسع صورة كلما كان هذا المجتمع مبنياً بناءً قوياً سليماً. وإن نظرة واحدة في أوضاع مجتمعاتنا وفي أحوال المسلمين المتردية هذه الأيام كفيلة بإيقاظ الحس والضمير للسعي نحو المزيد من التكاتف والتآلف والتعاون، وإن نظرة واحدة فيما كان عليه المسلمون الأوائل من تمسك بالدين الإسلامي وتعاون على كافة الأصعدة ووحدة في الوسائل والأهداف كفيلة بإظهار مجتمعاتهم على أنها مجتمعات مثالية قائمة على أسس سليمة لا خلل فيها. ولقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل إسلامهم قبائل متنافرة وقلوباً متباغضة ثم جاء الإسلام فدخلوا فيه ونهلوا من علومه وتنوروا بأنواره وتأدبوا بآدابه وأصبحوا بنعمة الله إخواناً يتناصحون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وهي فرصة عظيمة أن نتدارك ما بقي من هذه الأيام المباركة من شهر رمضان بأن نراجع حساباتنا حتى نكون كهؤلاء الرجال رضوان الله عليهم ،وذلك من خلال تقوية الروابط التي بيننا حتى يقوى صفنا ويشتد عزمنا ويعظم أمرنا ونتشارك في البناء والعطاء لوطننا الغالي فهو بحاجة إلى سواعدنا وجهودنا وتعاوننا فيما بيننا خصوصاً وهو يتعرض اليوم لمؤامرات خسيسة من قبل عناصر إرهابية وتخريبية ومتمردة شاذة باعت نفسها بثمن بخس لبعض العملاء والحاقدين على هذا الوطن ووحدته ،يغيضها ما تشهده محافظات الوطن من أمن واستقرار وتنمية في جميع المجالات، لذلك فهي مراراً تسعى إلى عرقلة عجلة التنمية والتقدم من خلال قيامها بالاعتداء المستمر على رجال الأمن وممارسة التحريض وأعمال الشغب،وإخافة السبيل، والتقطع في الطرقات العامة وقتل الأبرياء مستهدفة بدرجة أساسية مصالح المواطنين، فقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العصبية فقال: «دعوها فإنها منتنة»، ولذا فإن الذي يفرق فيما بين المسلمين ليس الدين، فالدين يجمع ويوحد وإنما الذي يفرق بينهم الميل مع الأهواء والتعصب الأعمى الذي لايثمر إلا الشر، و التحذير من تلك العناصر المتطرفة أمر مطلوب بل واجب ديني ووطني، ونحن نحب لهم في هذه الأيام المباركة أن يهتدوا ويصطلح شأنهم ويصيروا مواطنين صالحين ، ولكن إن أصروا على أعمالهم الإرهابية والإجرامية والتخريبية فيجب عدم السكوت عنهم لأنهم خطر على الوطن وخطر على الشعب.. فالمولى عز وجل يأمرنا بأمر عظيم ذكره في قوله تعالى في القرآن الكريم: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان».وهؤلاء قد رفضوا الانصياع للحق والاستجابة لنداء وصوت العقل . ولذا فإن على السلطات المحلية والأجهزة الأمنية المعنية بالأمر في تلك المحافظات التي يحصل فيها التخريب والنهب والتقطع والقتل ، أن تتحمل مسئولياتها الدينية والوطنية وأن تحمي مصالح الوطن والمواطن ، وأن تتصدى لعناصر الإرهاب والتخريب ومصاصي الدماء في أوكارها وتواجه جرائمها وتصرفاتها طبقاً لشريعتنا الإسلامية الغراء و الدستور والقانون وعدالة القضاء ، وأحكامه الصارمة، حتى يردع كل من يرتكب جريمة أو يحرض عليها أو يستخف بأمن الوطن ووحدة أبنائه. فأولئك الخاسرون المنحطون يستهينون بالحرمات ويمارسون أعمال الحرابة ويعتدون ويقتلون في هذا الشهر المبارك جنود الأمن الأشاوس الذين يحرسون الوطن والمواطن وصدق الله العظيم القائل: «إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ». نرجو الله العلي القدير أن يوفقنا لما فيه خير ومصلحة الوطن.