اعتبرت اليهودية الدينية المؤسسة على لاهوت الحاخامات أن ما جاء به عيسى«عليه السلام، وتالياً محمد صلّى الله عليه وسلّم» ليس إلا خروجاً سافراً عن تعاليم الديانة اليهودية، وهذا ما يفسر حربهم السافرة عليهما معاً، كما يفسر المعنى الجوهري للمفارقة بين المسيحية والإسلام من جهة، واليهودية من جهة أخرى، من خلال عالمية الديانتين المسيحية والإسلامية، بمقابل عرقية وطائفية اليهودية. أوقع اليهود أنفسهم في مربع الاضمحلال والموت البطيء من خلال ربط ديانتهم بالنسب للأم المتزوجة من يهودي، وبالتالي استبعدوا إجرائياً وفعلياً أن تكون اليهودية ديانة لكافة البشر، فاليهود جنس اختارهم الله، ومن يتحلّق حول ديانتهم تأييداً وتماهياً لا يحق له أن ينال مثابة اليهودي المختار، ولهذا السبب سنجد أن أكثر التيارات الدينية إيغالاً في الغموض، وتأثراً بالاسرائيليات، وتهديماً لسوية الديانات السماوية، لا يعتبرون عند المختارين اليهود سوى جماعة من الأغيار الذين سخّرهم الله لخدمة اليهود دون إرادة منهم.. هذا الأمر سنجد له رجع صدى حقيقياً في بعض الفرق المسيحية والإسلامية، كالإنجيليين الهرمجدونيين في الولاياتالمتحدة، ومنهم الرئيس الأسبق رونالد ريغان، صاحب برنامج حرب النجوم، وبعض المسلمين الذين لا يقلّون انتساباً وانتظاراً لمعركة هرمجدون القادمة. مطالبة الإرهابي نتنياهو بالاعتراف باسرائيل بوصفها دولة للنقاء العرقي والديني تعبير فاقع عن عقيدة يهودية تاريخية لا تعرف المواطنة في إطارها المتعارف عليه عالمياً، ولا تعرف الدين بوصفه قيمة متاحة لكل البشر.. كما أن تأييد الإدارة الأمريكية الخجول لمثل هذه المطالبة تنطوي على اعتراف ضمني بشعب الله المختار الذي لا يمكنه أن يتعايش مع «الغوييم» من العرب، مسلمين ومسيحيين. [email protected]