يطلق على الصحافة لقب « السلطة الرابعة » على اعتبار أنها مرآة المجتمع التي ينبغي أن تعكس هموم وقضايا الناس بصدق وشفافية ودون مبالغة أو مزايدة أو تجني وتجريح للأشخاص، وبدون أن تكون وسيلة للمكايدات والمناكفات وتصفية الحسابات، فحرية الصحافة وعدم التدخل في شئونها احتلت مرتبة متقدمة في قائمة اهتمامات وأجندة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله إيمانا منه بأهمية رسالة الصحافة كدعامة أساسية للتطور الديمقراطي، وركناً رئيساً لدولة النظام والقانون والمؤسسات، وفى مناسبات عدة أكد فخامته أن الكلمة مسئولية، وأن الصحافيين يجب أن يكونوا أهلاً لهذه المسئولية، وأن حرية الكلمة لم ولن تمس طالما كانت صادقة وتحافظ على الثوابت الوطنية ولا تتجاوزها، فضلاً عن أن فخامته دائماً ما يوجه الوزراء والمسئولين بضرورة التواصل مع الصحافة والصحافيين واطلاعهم على كل ما يهم الوطن والمواطن، والإجابة عن استفساراتهم حتى تكون المعلومة صحيحة وبعيدة عن أية تحريفات أو إشاعات. ولكن مع ذلك فإن المشكلة التي تواجه الصحافة في اليمن لا تكمن في مسألة حرية هذه الصحف كون قانون الصحافة يكفل لهذه الصحف حرية مسئولة لا تتوفر في كثير من دول المنطقة ، وإنما تكمن الإشكالية في أن نجد تجاوزات واضحة لقانون الصحافة والمطبوعات من بعض تلك الصحف التي تنفث سمومها لتشويه الحقائق وقلبها وأيضاً تعمدها تسخير أعمدتها للتضليل والإساءة إلى الرموز الوطنية وإظهارها بمظهر من يعمل على تفتيت وحدة الوطن وأنها أساس معاناة الوطن والمواطن، إلى جانب ما تقوم به هذه الصحف من فبركة للأخبار والأكاذيب وإطلاق الإشاعات، حتى أصبح شعارها « اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس».. فضلاً عن إثارة الفتن بين أبناء الوطن الواحد، وغرس مشاعر الإحباط في صفوفهم، فتتحول إلى مجرد أبواق تثير الصخب والضجيج وتكيل الشتائم والسباب، ومثل هذا النوع من الصحافة بالتأكيد لا يندرج في إطار حرية الرأي والتعبير، وهو ما يستدعي استخدام القانون لإجراء التصحيح اللازم والضروري لوقف ولجم تلك الأبواق التي تشوه صورة الديمقراطية وتسيء لحرية الرأي والتعبير، مع التنبه إلى أن كل ما يقال أو يشاع عن إجراءات حكومية ضد الصحافة والصحافيين أمر غير حقيقي وعار عن الصحة والمصداقية، ويخالف كل الحقائق الماثلة على أرض الواقع. والموضوع بكل بساطة هو أن هناك صحافيين بعدد الأصابع لازالوا يتطاولون على الثوابت الوطنية، وتجاوزوا الحرية الصحفية الممنوحة لهم ، الأمر الذي يستدعي من الجهات ذات العلاقة إحالة من ثبت مخالفته وتطاوله إلى الجهات المختصة، طبقاً للدستور والقانون ، وهو ما لا يستدعي التضخيم والتهويل الحاصل في الوقت الراهن. فالوطن يتطلب من الجميع أن يتحمل مسئوليته بكل أمانة وإخلاص وحب وذلك من خلال الارتقاء بالخطاب الإعلامي بحيث يجاري تطلعات الرأي العام والقيام بدور مؤثر في تحفيز وتوجيه كافة طاقات المجتمع للعمل بجد وتفان من أجل تحقيق طموحات التنمية الشاملة، خطاب إعلامي يؤكد أن أي خروج على النظام الذي نظمه الدستور والقوانين المنبثقة من الشريعة الإسلامية يعد فتنة ومفسدة لما يترتب عليه من سفك للدماء وإقلاق للأمن وإهدار للأموال وأن التداول السلمي للسلطة يكون من خلال الانتخابات وصناديق الاقتراع، خطاب إعلامي يعمل على تعميق الوحدة الوطنية بين أفراد المجتمع وبث روح المحبة والإخاء والتسامح بينهم وحثهم على نبذ الفرقة والشقاق والعصبية، مع التأكيد على الابتعاد في ذات الوقت عن كل ما من شأنه أن يثير الفتنة ويروج لثقافة الحقد والكراهية والمناطقية ويهدد المكتسبات والمنجزات الوطنية التي تتحقق يومياً على أرض الواقع. وكما أنه من المهم الإشارة هنا بأن دعوتنا ستظل مستمرة لإخواننا في نقابة الصحافيين حول ضرورة التعجيل في إصدار ميثاق الشرف الصحفي المتضمن العديد من الضوابط الأخلاقية والمهنية والتي من شأنها حماية المهنة الصحفية من التجاوزات، ووضع حد لكل من يحاولون الانحراف بهذه المهنة عن مهامها، وتسخيرها لتحقيق مصالح حزبية وشخصية ضيقة، مع تقديرنا الكامل لكافة الجهود التي يبذلها نقيب الصحافيين من أجل الارتقاء بالصحافيين وتحسين أوضاعهم، ولذا نتمنى أن يخرج ميثاق الشرف الصحفي إلى النور في القريب العاجل, فنحن صراحة نريد صحافة من أجل الوطن وليس ضده . [email protected]