يرى البعض في الأحداث الوطنية الكبرى عظمة الوطن وأصالة الشعوب وعراقتها ,وعمق جذورها التاريخية في صنع الحضارة الإنسانية وصنع الأمجاد التي تخلد الشعوب العظيمة في أنصع صفحات المجد الإنساني ,ولذلك فإن هذه الأحداث مدرسة يعود إليها الأجيال ليتعرفوا على أمجاد الأجداد ويدرسوا أثرهم الذي خلد ذكرهم وعظّم فعلهم ,وهذا البعض الذي ينظر إلى الأحداث بهذه الطريقة يمثل السواد الأعظم من أبناء الشعوب الذين يتوقون لما هو أعظم مما حدث من المجد الخالد في الماضي ويرون في عودتهم إلى مدرسة أحداث التاريخ ليتزودوا بالعظة والعبرة ودراسة تلك الأحداث ومقارنتها بما يحدث في الوقت الراهن ,ومن تحليل تلك المقارنة واستنتاج القواعد الإجرائية لكيفية صناعة المستقبل. غير أن هناك قلة قليلة من عناصر المجتمع غلب عليها الكسل والتعود على الجاهز من الغير في القول والفعل ,وهؤلاء القلة المصابون بداء الكسل الذي تعوّذ منه رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم, لايحسنون غير ترديد مايتلقونه جاهزاً من الغير دون بذل عناء في التعرف على حقيقة الأمور ,ولأنهم كذلك فإنهم مجرد أبواق تقول ما لاتعرف وبات همهم في المجتمع تسويق الأقوال والأفعال التي تعمل على إحباط الأجيال وتشويه الحياة في مختلف جوانبها ,دون أن يدركوا بأن ترديد المقولات المحبطة قد جاءت من فاقد الشيء الذي يرغب في مسح الأحداث وإلغاء ذاكرة الشعوب. ولئن كنا قد أدركنا بأن الذين يريدون إلغاء ذاكرة الشعب التي سجلت أعظم الأمجاد والإنجازات, من أجل طمس معالم الماضي ليواروا سوأتهم وأفعالهم التي يخشون ثباتها في ذاكرة الشعب وتصبح وصمة عار في جبينهم تخلد لهم ذكراً سيئاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فإن الواجب على الكافة التصدي لمثل هذه الدعوات المحبطة , ولايجوز أن تنسى الأحداث الكبرى والأعمال الوطنية العظيمة سواء صنعها فرد أو جماعة ,وعلى الذين يشعرون بذنب الفعل المشين ضد الوطن أن يستغلوا الفرصة ويقدموا الاعتذار للوطن ويكفروا عن خطاياهم, والوطن كبير وعظيم يتسع للجميع بإذن الله.