سيظل الوطن العربي متخلفاً.. وذلك بسبب تخلف مفهوم الحكم العربي.. وأحسب أن نظرية الحكم في المفهوم الإسلامي صادرة عن تخلف عقلي وروحي في مفهوم الإسلام ذاته ,مما يحوج إلى مراجعة ليست في مصلحة الحكام، فقد يغري الخلاف بين الحكام العرب للكتابة ,تذكيراً أكثر من مرة عن هذا الموضوع، وأصل هذه الفكرة الخلافة الإسلامية, فما دام النبي صلى الله عليه وسلم معصوماً فخليفته معصوم , مع تذكير سيدنا أبي بكر للأمة الإسلامة وعبر بيانه الشهير بأنه غير معصوم ,بل بشر يخطئ ويصيب ,وكذلك الثلاثة من بعده ,وإن كان الأمر قد حسم على أن (الخليفة من قريش) في سقيفة بني ساعدة , واستتبعث هذه الفكرة فكرة أخرى وهي وراثة الخلافة يحددها (أولو الحل والعقد) الذين تحددهم ظروف فنية أكثر مما هي موضوعية!!. أصبح الحاكم يصدر عن أصل فقهي أنه معصوم, وإن اتخذت هذه العصمة معنى آخر، فالحاكم لايقول هذا عدا الأئمة ولكنه يعتقدها في قرارة نفسه ,هذه العصمة التي يستحيل معها احترام مفهوم (دخيل كافر) هو الديمقراطية من يصل أن انتقاد الحاكم هو اعتراض مباشر على الإسلام ذاته , بل إن الإمام أحمد حميد الدين ربما قتل العلماء من خلال فتوى فهمها بمزاجه تقول يقتل الخارج على الحاكم لا «من جاءكم وانتم على أمر جامع يريد أن يفرقكم فاقتلوه» ليفهم الخروج فهماً خاصاً , وبالنظر لسيرة كثيرين من المصلحين اليمنيين فإن هذا الخروج ,خروجهم له مايبرره , بينما لانجد للحاكم مبرراً غير أنهم انقلبوا على جنوبهم مضرجين بسيف الإمام؟! نظرية الحكم في الإسلام تحتاج مراجعة شديدة , لنزع هذه الغشاوة من أجل الحكام أنفسهم , واعطاء فرصة لأولي الحل والعقد , ولو اقتضى الأمر أن نستعير من المجال الرياضي مصطلح (الحكم) لحل هذه المعضلة الخطيرة.. واجب هؤلاء أن يتسلحوا بالشجاعة وأن يحترموا الأمانة ليكونوا في طليعة الناصحين المصلحين، وحكامنا والحمدلله على درجة من سماع النصيحة إذا صدرت خالصة لوجه الله، لارياء ولا سمعة أو مكايدة حزبية.