تتعرض الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) لجملة من التحديات فيما هو قائم من الصراعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وتتسم مظاهر الصراعات القائمة بالنكوص والارتداد الثوري بل بالتآمر على الثورة وإحياء مقاومتها ومحاولة الانقضاض على أهدافها سواء من خلال قوى تقليدية من بقايا النظام الإمامي أو من العملاء والمستفيدين من عهود الاستعمار ، أو من قوى أعمتها أهدافها ومصالحها الذاتية عن المسار الوطني الثوري ، أو من قوى تعيش بفكر ظلامي منغلق خارج العصر ، تريد أن تجسد مجتمعاً سلفياً يخرج من تأويلهم الفقير والمنحرف للنص الديني خارج سياق الزمان والمكان والهوية والتراث والتطور التاريخي. وبالعودة إلى أهداف الثورة الستة التي شكلت الوقود والطاقة الجوهرية للثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر نلاحظ: أن أولئك الذين يهدفون إلى تقويض النظام الجمهوري والذين يهدفون إلى تقويض الاستقلال أو يحنون إلى عهود الاستعمار أو يستمرئونها أو يستدعون القوى الأجنبية أو يمارسون العمالة لدول إقليمية أو أجنبية ويسهلون تدخلها في الشأن الوطني الداخلي ،إنما يتربصون بالهدف الأول من أهداف الثورة المتعلق ب : التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات. وأولئك الذين يمعنون في الإساءة إلى مؤسسة الجيش والأمن اليمني ويحاولون خذلانه ويفرحون بارتفاع معدل تضحياته ويشككون في مرجعيته الوطنية ويحرضون القوى المدنية عليه في ظل مواجهته الدامية للرجعية والإرهاب والتخريب وفي دفاعه عن مكتسبات الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية ،وتجار الحروب والسلاح الذين يتاجرون بدماء القبائل ويجيشونها بمقاولات حروب مدفوعة الثمن خارج المؤسسة العسكرية ممن يحاولون أن تقوم القبيلة بدور مؤسسة الجيش والأمن ويعيشون على الفتن والحروب ويتاجرون بأبناء القبائل ويبيعون دماءهم رخيصة في كل معركة، إنما ينقضون على ما تحقق من الهدف الثاني للثورة اليمنية الذي نص على بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها. وأولئك الذين يمارسون التخريب الاقتصادي ويستهدفون المصالح الوطنية من خلال العنف والحروب والإرهاب والتفجيرات والتخريب والفساد في الأرض وعرقلة التنمية وإثناء الدولة عن البناء إنما يحاولون تقويض ما تحقق من الهدف الثالث للثورة المتعلق برفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً. وأولئك الذين يسعون ليل نهار إلى تشويه التجربة الديمقراطية والهروب من الاستحقاقات الديمقراطية والممارسات السياسية خارج المؤسسات الديمقراطية ومؤسسات الدولة إنما يحاولون تقويض ما تحقق من الهدف الرابع للثورة المعني ب : إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل يستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف. أما أولئك الذين يمارسون النزعات المناطقية وتكريس العزلة والفرقة واجترار ثقافة التشطير والكراهية وممارسة العنف والتخريب والفوضى والتحريض عليها، والتفسير المنحرف للتعدد البيئي والثقافي والتنوع الذي تزخر به اليمن، فإنما يسعون إلى تقويض ما تحقق من الهدف الخامس للثورة اليمنية المتعلق بالوحدة الوطنية. وأولئك الذين يَستَعْدوُن الخارج على اليمن ويحرضونه عليه ويقوّضون السلم الاجتماعي المحلي والإقليمي والعالمي ، ويحرضون على السلطة الوطنية ويستقوون بالخارج عليها، إنما يسعون لهدم ما تحقق من الهدف السادس من أهداف الثورة اليمنية المتعلق ب : احترام مواثيق الأممالمتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، والعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم. فضلاً عن النزعات القبلية والفردية والعشائرية والمناطقية وتجارة الحروب التي تستهدف بناء الدولة الحديثة وتسعى من خلال الممارسات الخارجة عن القانون أو التصرف فوق القانون إلى إضعاف الدولة المركزية الحديثة ومؤسساتها لتظل تمارس الهيمنة والنفوذ العشائري والقبلي وتحتكر ذلك النفوذ لتأمين مصالحها الذاتية التي لا تخضع للنظام والقانون والمضرة بالمصلحة العليا للوطن. وهكذا يبدو واضحا بأن القوى التي تُغذِّي الصراعات والفتن بمظاهرها الحالية إنما تستهدف في مجموعها أهداف ومكتسبات الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية، وأن الوعي بها ومواجهتها رسمياً وشعبياً في صدارة الواجبات الوطنية. [email protected]