قبل أيام من احتفال الوطن بالذكرى ال43 ليوم الثلاثين من نوفمبر يوم الجلاء الوطني ورحيل آخر جندي بريطاني عن تراب الوطن فُجع الوطن والمناضلين برحيل المناضل الكبير والقامة الوطنية الباسقة اللواء عبدالكريم إسماعيل السكري عضو مؤسس لمجلس قيادة الثورة السبتمبرية وأحد أهم قادة ثورة ال(26) من سبتمبر المجيدة الذي كان له شرف المشاركة مع رفقاء السلاح في الإعداد والتجهيز للثورة السبتمبرية التي أطاحت بالحكم الكهنوتي الإمامي، ومثلت الانطلاقة الأولى نحو تخليص اليمن من شبح الفقر والجهل والمرض وسطر خلال دفاعه عن الثورة أروع البطولات عندما قاد العديد من المعارك ضد فلول الإمامة وتعرض للحصار في منطقة رازح وأهلته كفاءته وشجاعته وإقدامه ليعين وزيراً للدفاع أثناء ملحمة حصار صنعاء، والذي خاض فيها مع كل المناضلين والشرفاء أروع أمثلة البطولة في تلك المرحلة الحرجة التي كانت تمر بها الثورة السبتمبرية، وبانتقاله إلى جوار ربه يكون الوطن اليمني قد خسر علماً من أعلام النضال الوطني. ومن عرف المناضل عبدالكريم السكري سيعرف عظمة هذا المناضل الذي قاد بلاده لتلج في عصر جديد من الحرية والتطور والعلم والرخاء، فقد كان طالباً في الكلية الحربية قبل الثورة المجيدة وتواقاً مع زملائه لقلب الواقع المظلم الذي كانت تعيشه اليمن في عصر الأئمة ليدفعه إخلاصه وحبه لوطنه لأن يكون أحد مهندسي الثورة السبتمبرية وأحد منفذيها وأحد المدافعين عنها. واليوم وبعد مرور أكثر من 48 عاماً على انطلاق الثورة السبتمبرية التي نعيش حتى اللحظة في خيرها ونشهد إنجازاتها العملاقة التي توجت بالوحدة المباركة ما أحوجنا للوقوف أمام هامات وقامات وطنية شامخة أفنت عمرها وضحت بكل ما تملك من أجل عزة وطنها وقدمت النموذج المشرف للنضال من أجل المبادىء والقيم النبيلة التي آمنت بها دون انتظار لأي مقابل أو جزاء من أحد سوى من الله سبحانه وتعالى، هذه القامات الوطنية استحقت فعلاً أن تعيش في وجدان الكثير من الناس كما هو الحال مع المناضل عبدالكريم السكري (رحمه الله) الذي عرفناه وطنياً غيورًا وقائد جسورًا امتلأ قلبه بالحب والتواضع والوفاء، فاستحق أن يحظى بحب واحترام كل الناس وكل من عرفوه من زملائه ورفقاء دربه النضالي الحافل بالمحطات المشرفة التي بنت له رصيداً من الاحترام والحب والتقدير طوال سنوات عمره التي سخرها من أجل الانعتاق من الحكم الإمامي والدفاع عن الثورة والعمل على تحقيق أهدافها الستة التي تحققت بفضل من الله سبحانه وتعالى وعلى رأسها وحدة الوطن. وكما قلت: يجب علينا اليوم الوقوف أمام هذه القامات والأمثلة الوطنية المشرفة للاستزادة من ينابيع عطائها ونضالها والتمعن في أدوارها النضالية التي قامت بالثورة وأمنت ديمومتها وناضلت من أجل مبادئها، وحرصت على أن تكون القدوة الحسنة لمواكب الثوار والمناضلين، وما أحوجنا أيضاً أن نأخذ العبرة من هؤلاء النماذج المشرفة كالمناضل اللواء عبدالكريم السكري خاصة في هذه الظروف والتحديات التي تعيشها بلادنا والتي هي بحاجة فعلاً لأناس يدركون المعنى الحقيقي للتضحية من أجل الوطن ومن أجل أمنه واستقراره ووحدته التي فيها عزته وقوته، وبالرغم من علمنا أن الوطن مليء بالرجال الأوفياء والمخلصين، إلا أن هذه النماذج المشرفة من المناضلين تدعونا لأن نكون أكثر إصراراً على مواصلة مسيرتهم النضالية المشرفة والاقتداء بصفاتهم النبيلة ونظافة أيديهم وتواضعهم الذي زادهم محبة واحتراماً في أعين الناس ورفعة وعزة في مختلف المراحل التي عاشوها، وكانوا أوفياء للوطن والناس، وقبل هذا وذاك أوفياء لله سبحانه وتعالى ولضمائرهم والمبادىء التي آمنوا بها. وفي هذا المقام لابد لي وباسم كل أبناء الشهداء والمناضلين في مختلف ربوع الوطن أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لفخامة الأخ علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - والراعي الأول لكل المناضلين الذي أشرف بنفسه على علاج المناضل عبدالكريم السكري، وقبل أشهر أرسل سيارته الخاصة إلى منزل المناضل عبدالكريم السكري لإسعافه ونقله إلى المستشفى واستكمال علاجه في الخارج على نفقة الدولة، وبهذا الموقف الذي لا يعد غريباً على فخامة الأخ الرئيس القائد يؤكد وفاء فخامة الأخ الرئيس لكل الشرفاء والمخلصين والمناضلين، ويعكس نبل الأخلاق التي يحملها في قلبه الكبير. اليوم وبعد رحيل واحد من هؤلاء العمالقة الكبار لا يسعنا إلا أن نعزي أنفسنا ونعزي قيادتنا السياسية وكل أبناء شهداء ومناضلي الثورة اليمنية وكل أبناء اليمن بهذا المصاب الأليم، داعين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وغفرانه ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون. (*) رئيس الملتقى الوطني لأبناء شهداء ومناضلي الثورة اليمنية بمحافظة المحويت.