البعض يعتقد أن المشكلة تكمن في نظام التعدد الحزبي، دون أن يدرك أن المشكلة في القائمين على التعدد الحزبي، الذين جعلوا الحزبية غاية، ولم يدركوا بأنها وسيلة، وبذلك فإن المشكلة لاتكمن في منهج سواءً كان حزبياً، أو غير ذلك، ولكن فهم النظام على غير حقيقته هو الإشكالية، فالتعدد الحزبي وسيلة من وسائل إفساح المجال أمام المشاركة السياسية الشعبية، وهو وسيلة من وسائل منع احتكار السلطة، بل إن التعدد الحزبي يعد نافذة الحكومة للوصول إلى المناطق النائية، على اعتبار أن الأحزاب والتنظيمات السياسية تقوم بمهامها على الوجه المطلوب. إن الاعتقاد بأن المشكلة في التعددية السياسية دليل على عدم الفهم، أو محاولة من الناقمين على التعددية الحزبية لإجهاض المشاركة السياسية والعودة بها إلى حالة احتكار السلطة ومنع المواطن من ممارسة حقه المشروع في المشاركة السياسية الشعبية في صنع القرار السياسي وتحديد معالم المستقبل، بل إن محاولة إلصاق المشكلة في نظام التعدد الحزبي مكر بالديمقراطية وتراجع واضح وعدم القبول بالمشاركة السياسية. لقد بات من الواضح أن القول بتشويه الديمقراطية لايأتي إلا من الذين أفقدتهم الممارسة الديمقراطية والتعددية السياسية مصالحهم، ودليل على عدم قدرة القائمين على التعدد الحزبي على القيام بواجبات الحزبية تجاه الوطن، ومغالطة مفضوحة لتغطية فشل القائلين بذلك في القيام بالمهام والواجبات المترتبة على الحزبية، التي من أبرزها القيام بنشر الوعي المعرفي، وتعميق مبدأ الولاء الوطني وتعزيز الجبهة الداخلية وحشد الناس لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تهدد الأمن والاستقرار. إن إيمان القائمين على التعدد الحزبي بأن الحزبية غاية وليست وسيلة هي البداية العملية لوقوعهم في خطأ الممارسة، وبداية الفشل الذي سجلوه في سجل حياتهم السياسية، وهو الذي قاد مثل تلك الأحزاب إلى الفعل المجرم ضد الوطن، وهو الذي جعل القائمين عليها يقولون في التعددية الحزبية ماليس فيها، لأنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في القيام بالواجب الوطني بسبب الفهم الخاطئ للحزبية، فهل حان الوقت لتصحيح المفاهيم المغلوطة؟ نأمل ذلك بإذن الله.