بعد أن قرأت مقاربتي الاستاذين حسن اللوزي ونصر صالح، عطفاً على محاضرة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في جامعة عدن تمنيت أن أكون من الحاضرين حتى المس البُعد الأكثر أهمية في ذلك الخطاب، والذي أشار إليه العزيز نصر صالح بدقة بالغة، فالرئيس كان يتحدث بلغة واضحة بسيطة، ومفردات محايثة للوصف والموصوف، واسترخاء يمنح الأمل، ويتخطّى ثقافة التصعيد والاستقطاب غير الحميد، وبلغة مُكاشفة هادئة لا تتجنى على أحد، ولا تتأبى على الحقيقة الموضوعية، فيما تضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بتلك الاشتباكات غير الحميدة في التاريخ السياسي اليمني المعاصر . مثل هذا الخطاب يمنحنا المزيد والمزيد من الأمل في أن تغلب الحكمة اليمانية ما طرأ عليها من نتوءات وتحدُّبات، وتضع المعنيين بإدارة الخطاب السياسي في موقع المسؤولية الجسيمة، وخاصة المؤسسات التي تمثل الدولة ومرجعياتها والتي عليها أن تقبض على جمرة الرصانة والتؤدة والحكمة، كما تقدم رسالة على ذات النسق لفرقاء الساحة بتعدد ألوانهم واجتهاداتهم. تخيّلت من خلال قراءاتي لما كتب أن “ الاتصال غير اللفظي” كان أبلغ دلالة من الكلام، وأن الإشارة كانت ابلغ مدىً من العبارة، وأن التسامح والتنازلات الشجاعة من اجل الوطن أجدى من التجاذبات البيزنطية والمكايدات الميكيافيلية، وأن الذاكرة الجمعية اليمانية قادرة على تحويل المتاعب والمنغصات إلى مناسبة استثنائية للتخلّي عن الاستقطاب، والنظر لمصلحة الوطن العليا، كما حدث في أيام خليجي عشرين التي رممت تلك الصورة النمطية المعممة عن اليمن في الخارج العربي والدولي . كم أتمنى أن يسود هذا الخطاب العاقل في إعلام المؤتمر وأحزاب المعارضة معاً، فالوطن للجميع، والصبر على المكاره سمة الرائين القادرين على تحويل التراب تبراً «ذهباً». يقول الإمام الشافعي الوسطي الأشعري الذي جمع فأوعى .. يقول : والتبر كالتُرب ملقىً في أماكنه والعود في أرضه نوع من الحطب [email protected]